النَّفَقَةِ فِي الْغَزْوِ وَالْمَسَاكِينِ؛ فَإِنَّهُ فِي الْأَصْلِ إمَّا فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ وَإِمَّا مُسْتَحَبٌّ؛ وَإِنْ كَانَ قَدْ يَصِيرُ مُتَعَيَّنًا إذَا لَمْ يَقُمْ غَيْرُهُ بِهِ؛ فَإِنَّ إطْعَامَ الْجَائِعِ وَاجِبٌ؛ وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: {لَوْ صَدَقَ السَّائِلُ لَمَا أَفْلَحَ مَنْ رَدَّهُ} ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَد وَذَكَرَ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ صِدْقَهُ وَجَبَ إطْعَامُهُ. وَقَدْ رَوَى أَبُو حَاتِمٍ البستي فِي صَحِيحِهِ حَدِيثَ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الطَّوِيلَ " عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي فِيهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ - وَفِيهِ أَنَّهُ كَانَ فِي حِكْمَةِ آلِ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَامُ {حَقٌّ عَلَى الْعَاقِلِ أَنْ تَكُونَ لَهُ أَرْبَعُ سَاعَاتٍ: سَاعَةٌ يُنَاجِي فِيهَا رَبَّهُ وَسَاعَةٌ يُحَاسِبُ فِيهَا نَفْسَهُ وَسَاعَةٌ يَخْلُو فِيهَا بِأَصْحَابِهِ الَّذِينَ يُخْبِرُونَهُ بِعُيُوبِهِ وَيُحَدِّثُونَهُ عَنْ ذَاتِ نَفْسِهِ وَسَاعَةٌ يَخْلُو فِيهَا بِلَذَّتِهِ فِيمَا يَحِلُّ وَيَجْمُلُ؛ فَإِنَّ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ عَوْنًا عَلَى تِلْكَ السَّاعَاتِ} . فَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اللَّذَّاتِ الْمُبَاحَةِ الْجَمِيلَةِ فَإِنَّهَا تُعِينُ عَلَى تِلْكَ الْأُمُورِ. وَلِهَذَا ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ: أَنَّ الْعَدَالَةَ هِيَ الصَّلَاحُ فِي الدِّينِ وَالْمُرُوءَةُ؛ بِاسْتِعْمَالِ مَا يُجَمِّلُهُ وَيُزَيِّنُهُ وَتَجَنُّبِ مَا يُدَنِّسُهُ وَيَشِينُهُ. وَكَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: إنِّي لَأَسْتَجِمُّ نَفْسِي بِالشَّيْءِ مِنْ الْبَاطِلِ لِأَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى الْحَقِّ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ إنَّمَا خَلَقَ اللَّذَّاتِ وَالشَّهَوَاتِ فِي الْأَصْلِ لِتَمَامِ مَصْلَحَةِ الْخَلْقِ؛ فَإِنَّهُ بِذَلِكَ يَجْتَلِبُونَ مَا يَنْفَعُهُمْ كَمَا خَلَقَ الْغَضَبَ لِيَدْفَعُوا بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute