للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَثِيرًا مِنْ أَصْحَابِ الْقَاتِلِ كَسَيِّدِ الْقَبِيلَةِ وَمُقَدَّمِ الطَّائِفَةِ فَيَكُونُ الْقَاتِلُ قَدْ اعْتَدَى فِي الِابْتِدَاءِ وَتَعَدَّى هَؤُلَاءِ فِي الِاسْتِيفَاءِ كَمَا كَانَ يَفْعَلُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ الْخَارِجُونَ عَنْ الشَّرِيعَةِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ مِنْ الْأَعْرَابِ وَالْحَاضِرَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدْ يَسْتَعْظِمُونَ قَتْلَ الْقَاتِلِ لِكَوْنِهِ عَظِيمًا أَشْرَفَ مِنْ الْمَقْتُولِ فَيُفْضِي ذَلِكَ إلَى أَنَّ أَوْلِيَاءَ الْمَقْتُولِ يَقْتُلُونَ مَنْ قَدَرُوا عَلَيْهِ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْقَاتِلِ وَرُبَّمَا خَالَفَ هَؤُلَاءِ قَوْمًا وَاسْتَعَانُوا بِهِمْ وَهَؤُلَاءِ قَوْمًا فَيُفْضِي إلَى الْفِتَنِ وَالْعَدَاوَاتِ الْعَظِيمَةِ. وَسَبَبُ ذَلِكَ خُرُوجُهُمْ عَنْ سُنَنِ الْعَدْلِ الَّذِي هُوَ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى فَكَتَبَ اللَّهُ عَلَيْنَا الْقِصَاصَ - وَهُوَ الْمُسَاوَاةُ وَالْمُعَادَلَةُ فِي الْقَتْلَى - وَأَخْبَرَ أَنَّ فِيهِ حَيَاةٌ؛ فَإِنَّهُ يَحْقِنُ دَمَ غَيْرِ الْقَاتِلِ مِنْ أَوْلِيَاءِ الرَّجُلَيْنِ. وَأَيْضًا فَإِذَا عَلِمَ مَنْ يُرِيدُ الْقَتْلَ أَنَّهُ يُقْتَلُ كَفَّ عَنْ الْقَتْلِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ. أَلَا لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرِ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ} رَوَاهُ أَحْمَد وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَهْلِ السُّنَنِ فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ - أَيْ تَتَسَاوَى وَتَتَعَادَلُ - فَلَا يُفَضَّلُ عَرَبِيٌّ عَلَى عَجَمِيٌّ وَلَا قُرَشِيٌّ أَوْ هَاشِمِيٌّ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ