للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَمْرٌ فِيهِ الْقِصَاصُ إلَّا أَمَرَ فِيهِ بِالْعَفْوِ} . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ. وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوِ إلَّا عِزًّا وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ} . وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ التَّكَافُؤِ: هُوَ فِي الْمُسْلِمِ الْحُرِّ مَعَ الْمُسْلِمِ الْحُرِّ. فَأَمَّا الذِّمِّيُّ فَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِكُفْءِ لِلْمُسْلِمِ كَمَا أَنَّ الْمُسْتَأْمَنَ الَّذِي يَقْدَمُ مِنْ بِلَادِ الْكُفَّارِ رَسُولًا أَوْ تَاجِرًا وَنَحْوَ ذَلِكَ لَيْسَ بِكُفْءِ لَهُ وِفَاقًا. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: بَلْ هُوَ كُفْءٌ لَهُ وَكَذَلِكَ النِّزَاعُ فِي قَتْلِ الْحُرِّ بِالْعَبْدِ.

وَالنَّوْعُ الثَّانِي: الْخَطَأُ الَّذِي يُشْبِهُ الْعَمْدَ. قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَلَا إنَّ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ شِبْهِ الْعَمْدِ مَا كَانَ فِي السَّوْطِ وَالْعَصَا مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ مِنْهَا أَرْبَعُونَ خَلِفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا} . سَمَّاهُ شِبْهَ الْعُمَدِ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ الْعُدْوَانَ عَلَيْهِ بِالضَّرْبِ؛ لَكِنَّهُ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا. فَقَدْ تَعَمَّدَ الْعُدْوَانَ وَلَمْ يَتَعَمَّدْ مَا يَقْتُلُ. وَالثَّالِثُ: الْخَطَأُ الْمَحْضُ وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهُ: مِثْلَ أَنْ يَرْمِيَ صَيْدًا أَوْ هَدَفًا: فَيُصِيبُ إنْسَانًا بِغَيْرِ عِلْمِهِ وَلَا قَصْدِهِ. فَهَذَا لَيْسَ فِيهِ قَوَدٌ. وَإِنَّمَا فِيهِ الدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ وَهُنَا مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ مَعْرُوفَةٌ فِي كُتُبِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَبَيْنَهُمْ.