الْحِسَابِ} {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} . فَذَكَرَ سُبْحَانَهُ مَثَلَيْنِ: - (أَحَدُهُمَا: مَثَلُ الْكُفْرِ وَالْجَهْلِ الْمُرَكَّبِ الَّذِي يَحْسَبُهُ صَاحِبُهُ مَوْجُودًا وَفِي الْوَاقِعِ يَكُونُ خَيَالًا مَعْدُومًا كَالسَّرَابِ وَأَنَّ الْقَلْبَ عَطْشَانُ إلَى الْحَقِّ كَعَطَشِ الْجَسَدِ إلَى الْمَاءِ. فَإِذَا طَلَبَ مَا ظَنَّهُ مَاءً وَجَدَهُ سَرَابًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاَللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ. وَهَكَذَا تَجِدُ عَامَّةَ هَؤُلَاءِ الْخَارِجِينَ عَنْ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ. (وَالْمَثَلُ الثَّانِي: مَثَلُ الْكُفْرِ وَالْجَهْلِ الْبَسِيطِ الَّذِي لَا يَتَبَيَّنُ فِيهِ صَاحِبُهُ حَقًّا وَلَا يَرَى فِيهِ هُدًى وَالْكُفْرُ الْمُرَكَّبُ مُسْتَلْزِمٌ لِلْبَسِيطِ وَكُلُّ كُفْرٍ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ جَهْلٍ مُرَكَّبٍ. فَضَرَبَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمَثَلَيْنِ بِذَلِكَ لِيُبَيِّنَ حَالَ الِاعْتِقَادِ الْفَاسِدِ وَيُبَيِّنَ حَالَ عَدَمِ مَعْرِفَةِ الْحَقِّ - وَهُوَ يُشْبِهُ حَالَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَالضَّالِّينَ - حَالَ الْمُصَمِّمِ عَلَى الْبَاطِلِ حَتَّى يَحِلَّ بِهِ الْعَذَابُ وَحَالَ الضَّالِّ الَّذِي لَا يَرَى طَرِيقَ الْهُدَى. فَنَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ أَنْ يُثَبِّتَنَا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ يَرْزُقَنَا الِاعْتِصَامَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute