{الْمُسْتَبَّانِ: مَا قَالَا فَعَلَى الْبَادِئِ مِنْهُمَا مَا لَمْ يَعْتَدِ الْمَظْلُومُ} . وَيُسَمَّى هَذَا الِانْتِصَارُ. وَالشَّتِيمَةُ الَّتِي لَا كَذِبَ فِيهَا مِثْلَ الْإِخْبَارِ عَنْهُ بِمَا فِيهِ مِنْ الْقَبَائِحِ أَوْ تَسْمِيَتِهِ بِالْكَلْبِ أَوْ الْحِمَارِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَأَمَّا إنْ افْتَرَى عَلَيْهِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَفْتَرِيَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَفَّرَهُ أَوْ فَسَّقَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يُكَفِّرَهُ أَوْ يُفَسِّقَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَوْ لَعَنَ أَبَاهُ أَوْ قَبِيلَتَهُ أَوْ أَهْلَ بَلَدِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَتَعَدَّى عَلَى أُولَئِكَ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَظْلِمُوهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} فَأَمَرَ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ أَلَّا يَحْمِلَهُمْ بُغْضُهُمْ لِلْكُفَّارِ عَلَى أَلَّا يَعْدِلُوا. وَقَالَ: {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} . فَإِنْ كَانَ الْعُدْوَانُ عَلَيْهِ فِي الْعِرْضِ مُحَرَّمًا لَحِقَهُ؛ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الْأَذَى جَازَ الِاقْتِصَاصُ مِنْهُ بِمِثْلِهِ كَالدُّعَاءِ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا دَعَاهُ؛ وَأَمَّا إذَا كَانَ مُحَرَّمًا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَالْكَذِبِ لَمْ يَجُزْ بِحَالِ وَهَكَذَا قَالَ كَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ: إذَا قَتَلَهُ بِتَحْرِيقِ أَوْ تَغْرِيقٍ أَوْ خَنْقٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُفْعَلُ بِهِ كَمَا فَعَلَ مَا لَمْ يَكُنْ الْفِعْلُ مُحَرَّمًا فِي نَفْسِهِ كَتَجْرِيعِ الْخَمْرِ وَاللِّوَاطِ بِهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا قَوَدَ عَلَيْهِ إلَّا بِالسَّيْفِ. وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْعَدْلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute