فِي الْيَوْمِ الْمَوْعُودِ وَفَرَّ الرَّجُلُ فِيهَا مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ؛ إذْ كَانَ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ شَأْنٌ يُغْنِيهِ. وَكَانَ مِنْ النَّاسِ مَنْ أَقْصَى هِمَّتِهِ النَّجَاةُ بِنَفْسِهِ لَا يَلْوِي عَلَى مَالِهِ وَلَا وَلَدِهِ وَلَا عُرْسِهِ. كَمَا أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ فِيهِ قُوَّةٌ عَلَى تَخْلِيصِ الْأَهْلِ وَالْمَالِ. وَآخَر فِيهِ زِيَادَةُ مَعُونَةٍ لِمَنْ هُوَ مِنْهُ بِبَالِ. وَآخَرُ مَنْزِلَتُهُ مَنْزِلَةُ الشَّفِيعِ الْمُطَاعِ. وَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ فِي الْمَنْفَعَةِ وَالدِّفَاعِ. وَلَمْ تَنْفَعْ الْمَنْفَعَةُ الْخَالِصَةُ مِنْ الشَّكْوَى إلَّا الْإِيمَانَ وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ وَالْبِرَّ وَالتَّقْوَى. وَبُلِيَتْ فِيهَا السَّرَائِرُ. وَظَهَرَتْ الْخَبَايَا الَّتِي كَانَتْ تُكِنُّهَا الضَّمَائِرُ. وَتُبَيِّنُ أَنَّ الْبَهْرَجَ مِنْ الْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ يَخُونُ صَاحِبَهُ أَحْوَجَ مَا كَانَ إلَيْهِ فِي الْمَآلِ. وَذَمَّ سَادَتَهُ وَكُبَرَاءَهُ مَنْ أَطَاعَهُمْ فَأَضَلُّوهُ السَّبِيلَا. كَمَا حَمِدَ رَبَّهُ مِنْ صِدْقٍ فِي إيمَانِهِ فَاِتَّخَذَ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا. وَبَانَ صِدْقُ مَا جَاءَتْ بِهِ الْآثَارُ النَّبَوِيَّةُ مِنْ الْأَخْبَارِ بِمَا يَكُونُ. وَوَاطَأَتْهَا قُلُوبُ الَّذِينَ هُمْ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ مُحَدِّثُونَ كَمَا تَوَاطَأَتْ عَلَيْهِ الْمُبَشِّرَاتُ الَّتِي أُرِيهَا الْمُؤْمِنُونَ وَتَبَيَّنَ فِيهَا الطَّائِفَةُ الْمَنْصُورَةُ الظَّاهِرَةُ عَلَى الدِّينِ الَّذِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ وَلَا مَنْ خَذَلَهُمْ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. حَيْثُ تَحَزَّبَتْ النَّاسُ ثَلَاثَةَ أَحْزَابٍ: حِزْبٌ مُجْتَهِدٌ فِي نَصْرِ الدِّينِ. وَآخَرُ خَاذِلٌ لَهُ. وَآخَرُ خَارِجٌ عَنْ شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ. وَانْقَسَمَ النَّاسُ مَا بَيْنَ مَأْجُورٍ وَمَعْذُورٍ. وَآخَرُ قَدْ غَرَّهُ بِاَللَّهِ الْغَرُورُ. وَكَانَ هَذَا الِامْتِحَانُ تَمْيِيزًا مِنْ اللَّهِ وَتَقْسِيمًا. {لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute