للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَانَ مُبْتَدِئًا فِي الْإِيمَانِ وَالْأَمَانِ وَكَانُوا هُمْ قَدْ أَعْرَضُوا عَنْ كَثِيرٍ مِنْ أَحْكَامِ الْإِيمَانِ. فَكَانَ مِنْ حِكْمَةِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ بِالْمُؤْمِنِينَ أَنْ ابْتَلَاهُمْ بِمَا ابْتَلَاهُمْ بِهِ لِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيُنِيبُوا إلَى رَبِّهِمْ وَلِيَظْهَرَ مِنْ عَدُوِّهِمْ مَا ظَهَرَ مِنْهُ مِنْ الْبَغْيِ وَالْمَكْرِ وَالنَّكْثِ وَالْخُرُوجِ عَنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ فَيَقُومُ بِهِمْ مَا يَسْتَوْجِبُونَ بِهِ النَّصْرَ وَبِعَدُوِّهِمْ مَا يَسْتَوْجِبُ بِهِ الِانْتِقَامَ. فَقَدْ كَانَ فِي نُفُوسِ كَثِيرٍ مِنْ مُقَاتِلَةِ الْمُسْلِمِينَ وَرَعِيَّتِهِمْ مِنْ الشَّرِّ الْكَبِيرِ مَا لَوْ يَقْتَرِنُ بِهِ ظَفَرٌ بِعَدُوِّهِمْ - الَّذِي هُوَ عَلَى الْحَالِ الْمَذْكُورَةِ - لَأَوْجَبَ لَهُمْ ذَلِكَ مِنْ فَسَادِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا مَا لَا يُوصَفُ. كَمَا أَنَّ نَصْرَ اللَّهِ لِلْمُسْلِمِينَ يَوْمَ بَدْرٍ كَانَ رَحْمَةً وَنِعْمَةً وَهَزِيمَتُهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ كَانَ نِعْمَةً وَرَحْمَةً عَلَى الْمُؤْمِنِينَ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {لَا يَقْضِي اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِ قَضَاءً إلَّا كَانَ خَيْرًا. وَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَدِ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ إنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ فَشَكَرَ اللَّهَ كَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ فَصَبَرَ كَانَ خَيْرًا لَهُ} . فَلَمَّا كَانَتْ حَادِثَةُ الْمُسْلِمِينَ عَامَ أَوَّلٍ شَبِيهَةً بِأُحُدٍ. وَكَانَ بَعْدَ أُحُدٍ بِأَكْثَرِ مِنْ سَنَةٍ - وَقِيلَ بِسَنَتَيْنِ - قَدْ اُبْتُلِيَ الْمُسْلِمُونَ عَامَ الْخَنْدَقِ. كَذَلِكَ فِي هَذَا الْعَامِ اُبْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ بِعَدُوِّهِمْ كَنَحْوِ مَا اُبْتُلِيَ الْمُسْلِمُونَ