للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ اللَّهُ فِي شَأْنِ الْأَحْزَابِ: {إذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} . وَهَكَذَا هَذَا الْعَامُ. جَاءَ الْعَدُوُّ مِنْ نَاحِيَتِي عُلُوِّ الشَّامِ وَهُوَ شَمَالُ الْفُرَاتِ. وَهُوَ قِبْلِيِّ الْفُرَاتِ. فَزَاغَتْ الْأَبْصَارُ زَيْغًا عَظِيمًا وَبَلَغَتْ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ؛ لِعَظْمِ الْبَلَاءِ؛ لَا سِيَّمَا لَمَّا اسْتَفَاضَ الْخَبَرُ بِانْصِرَافِ الْعَسْكَرِ إلَى مِصْرَ وَتَقَرَّبَ الْعَدُوُّ وَتَوَجَّهَهُ إلَى دِمَشْقَ. وَظَنَّ النَّاسُ بِاَللَّهِ الظَّنُونَا. هَذَا يَظُنُّ أَنَّهُ لَا يَقِفُ قُدَّامَهُمْ أَحَدٌ مِنْ جُنْدِ الشَّامِ حَتَّى يصطلموا أَهْلَ الشَّامِ. وَهَذَا يَظُنُّ أَنَّهُمْ لَوْ وَقَفُوا لَكَسَرُوهُمْ كَسْرَةً وَأَحَاطُوا بِهِمْ إحَاطَةَ الْهَالَةِ بِالْقَمَرِ. وَهَذَا يَظُنُّ أَنَّ أَرْضَ الشَّامِ مَا بَقِيَتْ تُسْكَنُ وَلَا بَقِيَتْ تَكُونُ تَحْتَ مَمْلَكَةِ الْإِسْلَامِ. وَهَذَا يَظُنُّ إنَّهُمْ يَأْخُذُونَهَا ثُمَّ يَذْهَبُونَ إلَى مِصْرَ فَيَسْتَوْلُونَ عَلَيْهَا فَلَا يَقِفُ قُدَّامَهُمْ أَحَدٌ فَيُحَدِّثُ نَفْسَهُ بِالْفِرَارِ إلَى الْيَمَنِ وَنَحْوِهَا. وَهَذَا - إذَا أَحْسَنَ ظَنَّهُ - قَالَ: إنَّهُمْ يَمْلِكُونَهَا الْعَامَ كَمَا مَلَكُوهَا عَامَ هُولَاكُو سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ. ثُمَّ قَدْ يَخْرُجُ الْعَسْكَرُ مِنْ مِصْرَ فَيَسْتَنْقِذُهَا مِنْهُمْ كَمَا خَرَجَ ذَلِكَ الْعَامَ. وَهَذَا ظَنُّ خِيَارِهِمْ. وَهَذَا يَظُنُّ أَنَّ مَا أَخْبَرَهُ بِهِ أَهْلُ الْآثَارِ النَّبَوِيَّةِ وَأَهْلُ التَّحْدِيثِ وَالْمُبَشِّرَاتُ أَمَانِي كَاذِبَةٌ وَخُرَافَاتٌ لَاغِيَةٌ. وَهَذَا قَدْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ الرُّعْبُ وَالْفَزَعُ حَتَّى يَمُرَّ الظَّنُّ بِفُؤَادِهِ مَرَّ السَّحَابِ لَيْسَ لَهُ عَقْلٌ