للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نَذْهَبَ إلَيْهَا لِحِفْظِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ} لِأَنَّ اللَّهَ يَحْفَظُهَا {إنْ يُرِيدُونَ إلَّا فِرَارًا} فَهُمْ يَقْصِدُونَ الْفِرَارَ مِنْ الْجِهَادِ وَيَحْتَجُّونَ بِحُجَّةِ الْعَائِلَةِ. وَهَكَذَا أَصَابَ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ فِي هَذِهِ الْغُزَاةِ. صَارُوا يَفِرُّونَ مِنْ الثَّغْرِ إلَى الْمَعَاقِلِ وَالْحُصُونِ وَإِلَى الْأَمَاكِنِ الْبَعِيدَةِ كَمِصْرِ. وَيَقُولُونَ: مَا مَقْصُودُنَا إلَّا حِفْظَ الْعِيَالِ وَمَا يُمْكِنُ إرْسَالُهُمْ مَعَ غَيْرِنَا. وَهُمْ يَكْذِبُونَ فِي ذَلِكَ. فَقَدْ كَانَ يُمْكِنُهُمْ جَعْلُهُمْ فِي حِصْنِ دِمَشْقَ لَوْ دَنَا الْعَدُوُّ. كَمَا فَعَلَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ كَانَ يُمْكِنُهُمْ إرْسَالُهُمْ وَالْمُقَامُ لِلْجِهَادِ. فَكَيْفَ بِمَنْ فَرَّ بَعْدَ إرْسَالِ عِيَالِهِ؟ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إلَّا يَسِيرًا} فَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ الْمَدِينَةُ مِنْ جَوَانِبِهَا ثُمَّ طَلَبَتْ مِنْهُمْ الْفِتْنَةَ - وَهِيَ الِافْتِتَانُ عَنْ الدِّينِ بِالْكُفْرِ أَوْ النِّفَاقِ - لَأُعْطُوا الْفِتْنَةَ. وَلَجَئُوهَا مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ. وَهَذِهِ حَالُ أَقْوَامٍ لَوْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ هَذَا الْعَدُوُّ الْمُنَافِقُ الْمُجْرِمُ. ثُمَّ طَلَبَ مِنْهُمْ مُوَافَقَتَهُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ الْخُرُوجِ عَنْ شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ - وَتِلْكَ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ - لَكَانُوا مَعَهُ عَلَى ذَلِكَ. كَمَا سَاعَدَهُمْ فِي الْعَامِ الْمَاضِي أَقْوَامٌ بِأَنْوَاعِ مِنْ الْفِتْنَةِ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا مَا بَيْنَ تَرْكِ وَاجِبَاتٍ وَفِعْلِ مُحَرَّمَاتٍ إمَّا فِي حَقِّ اللَّهِ وَإِمَّا فِي حَقِّ الْعِبَادِ. كَتَرْكِ الصَّلَاةِ وَشُرْبِ