وَأَخَذُوا مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ الْحِمْلَ الْعَظِيمَ وَأَسَرُوا مِنْ رِجَالِ الْمُسْلِمِينَ الْجَمَّ الْغَفِيرَ وَأَخْرَجُوهُمْ مِنْ أَوْطَانِهِمْ. وَادَّعَوْا مَعَ ذَلِكَ التَّمَسُّكَ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَادَّعَوْا تَحْرِيمَ قِتَالِ مُقَاتِلِهِمْ لَمَّا زَعَمُوا مِنْ اتِّبَاعِ أَصْلِ الْإِسْلَامِ وَلِكَوْنِهِمْ عَفَوْا عَنْ اسْتِئْصَالِ الْمُسْلِمِينَ. فَهَلْ يَجُوزُ قِتَالُهُمْ أَوْ يَجِبُ وَأَيُّمَا كَانَ فَمِنْ أَيِّ الْوُجُوهِ جَوَازُهُ أَوْ وُجُوبُهُ؟ أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ.
فَأَجَابَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ، كُلُّ طَائِفَةٍ مُمْتَنِعَةٍ عَنْ الْتِزَامِ شَرِيعَةٍ مِنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ الظَّاهِرَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ؛ مِنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ وَغَيْرِهِمْ فَإِنَّهُ يَجِبُ قِتَالُهُمْ حَتَّى يَلْتَزِمُوا شَرَائِعَهُ وَإِنْ كَانُوا مَعَ ذَلِكَ نَاطِقِينَ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَمُلْتَزِمِينَ بَعْضَ شَرَائِعِهِ كَمَا قَاتَلَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَالصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مَانِعِي الزَّكَاةَ. وَعَلَى ذَلِكَ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ بَعْدَهُمْ بَعْدَ سَابِقَةِ مُنَاظَرَةِ عُمَرَ لِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. فَاتَّفَقَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَلَى الْقِتَالِ عَلَى حُقُوقِ الْإِسْلَامِ عَمَلًا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. وَكَذَلِكَ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَشَرَةِ أَوْجُهٍ الْحَدِيثُ عَنْ الْخَوَارِجِ وَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ مَعَ قَوْلِهِ: {تُحَقِّرُونَ صَلَاتَكُمْ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَكُمْ مَعَ صِيَامِهِمْ} فَعُلِمَ أَنَّ مُجَرَّدَ الِاعْتِصَامِ بِالْإِسْلَامِ مَعَ عَدَمِ الْتِزَامِ شَرَائِعِهِ لَيْسَ بِمُسْقِطِ لِلْقِتَالِ. فَالْقِتَالُ وَاجِبٌ حَتَّى يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ وَحَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ. فَمَتَى كَانَ الدِّينُ لِغَيْرِ اللَّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute