للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذَا كَانَ لَهُمْ فِئَةٌ يَلْجَئُونَ إلَيْهَا. فَجَوَّزَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَنَعَهُ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَفِي مَذْهَبِهِ وَجْهٌ: أَنَّهُ يَتْبَعُ مُدْبَرَهُمْ فِي أَوَّلِ الْقِتَالِ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِئَةٌ فَلَا يُقْتَلُ أَسِيرٌ وَلَا يُذَفَّفُ عَلَى جَرِيحٍ كَمَا رَوَاهُ سَعِيدٌ وَغَيْرُهُ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: خَرَجَ صَارِخٌ لِعَلِيِّ يَوْمَ الْجَمَلِ لَا يُقْتَلَنَّ مُدْبِرٌ وَلَا يُذَفَّفُ عَلَى جَرِيحٍ وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ أَلْقَى السِّلَاحَ فَهُوَ آمِنٌ. فَمَنْ سَلَكَ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ فَقَدْ يَتَوَهَّمُ أَنَّ هَؤُلَاءِ التَّتَارَ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ الْمُتَأَوِّلِينَ وَيُحْكَمُ فِيهِمْ بِمِثْلِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ كَمَا أَدْخَلَ مَنْ أَدْخَلَ فِي هَذَا الْحُكْمِ مَانِعِي الزَّكَاةِ وَالْخَوَارِجَ. وَسَنُبَيِّنُ فَسَادَ هَذَا التَّوَهُّمِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ: إنَّ قِتَالَ مَانِعِي الزَّكَاةِ وَالْخَوَارِجِ وَنَحْوِهِمْ لَيْسَ كَقِتَالِ أَهْلِ الْجَمَلِ وصفين وَهَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ جُمْهُورِ الْأَئِمَّةِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَهُوَ الَّذِي يَذْكُرُونَهُ فِي اعْتِقَادِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ كَمَالِكِ وَغَيْرِهِ وَمَذْهَبِ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ. وَقَدْ نَصُّوا عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ حَتَّى فِي الْأَمْوَالِ. فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ أَبَاحَ غَنِيمَةَ أَمْوَالِ الْخَوَارِجِ وَقَدْ نَصَّ أَحْمَد فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ فِي حرورية كَانَ لَهُمْ سَهْمٌ فِي قَرْيَةٍ فَخَرَجُوا