للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَغَيْرِهِمْ: أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا. فَقِتَالُ عَلِيٍّ لِلْخَوَارِجِ ثَابِتٌ بِالنُّصُوصِ الصَّرِيحَةِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَّا الْقِتَالُ " يَوْمَ صفين " وَنَحْوِهِ فَلَمْ يَتَّفِقْ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ؛ بَلْ صَدَّ عَنْهُ أَكَابِرُ الصَّحَابَةِ؛ مِثْلَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ مسلمة وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِمْ. وَلَمْ يَكُنْ بَعْدَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي الْعَسْكَرَيْنِ مِثْلَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ. وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقْتَضِي أَنَّهُ كَانَ يَجِبُ الْإِصْلَاحُ بَيْنَ تينك الطَّائِفَتَيْنِ؛ لَا الِاقْتِتَالُ بَيْنَهُمَا كَمَا ثَبَتَ عَنْهُ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ خَطَبَ النَّاسَ وَالْجَيْشَ مَعَهُ فَقَالَ: {إنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَسَيُصْلِحُ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ طَائِفَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ} فَأَصْلَحَ اللَّهُ بِالْحَسَنِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَأَهْلِ الشَّامِ: فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِصْلَاحَ بِهِ مِنْ فَضَائِلِ الْحَسَنِ مَعَ أَنَّ الْحَسَنَ نَزَلَ عَنْ الْأَمْرِ وَسَلَّمَ الْأَمْرَ إلَى مُعَاوِيَةَ. فَلَوْ كَانَ الْقِتَالُ هُوَ الْمَأْمُورُ بِهِ دُونَ تَرْكِ الْخِلَافَةِ وَمُصَالَحَةِ مُعَاوِيَةَ لَمْ يَمْدَحْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى تَرْكِ مَا أَمَرَ بِهِ وَفَعَلَ مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ وَلَا مَدَحَهُ عَلَى تَرْكِ الْأَوْلَى وَفَعَلَ الْأَدْنَى. فَعُلِمَ أَنَّ الَّذِي فَعَلَهُ الْحَسَنُ هُوَ الَّذِي كَانَ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ؛ لَا الْقِتَالَ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَضَعُهُ وَأُسَامَةَ عَلَى فَخِذَيْهِ وَيَقُولُ: {اللَّهُمَّ إنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا وَأَحِبَّ