للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَالْفِتَنُ مِثْلُ الْحُرُوبِ الَّتِي تَكُونُ بَيْنَ مُلُوكِ الْمُسْلِمِينَ وَطَوَائِفِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ مُلْتَزِمَةٌ لِشَرَائِعِ الْإِسْلَامِ. مِثْلَ مَا كَانَ أَهْلُ الْجَمَلِ وصفين؛ وَإِنَّمَا اقْتَتَلُوا لِشَبَهِ وَأُمُورٍ عَرَضَتْ. وَأَمَّا قِتَالُ الْخَوَارِجِ وَمَانِعِي الزَّكَاةِ وَأَهْلِ الطَّائِفِ الَّذِينَ لَمْ يَكُونُوا يُحَرِّمُونَ الرِّبَا فَهَؤُلَاءِ يُقَاتَلُونَ حَتَّى يَدْخُلُوا فِي الشَّرَائِعِ الثَّابِتَةِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَهَؤُلَاءِ إذَا كَانَ لَهُمْ طَائِفَةٌ مُمْتَنِعَةٌ فَلَا رَيْبَ أَنَّهُ يَجُوزُ قَتْلُ أَسِيرِهِمْ وَاتِّبَاعُ مُدْبِرِهِمْ وَالْإِجْهَازُ عَلَى جَرِيحِهِمْ؛ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ إذَا كَانُوا مُقِيمِينَ بِبِلَادِهِمْ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَقْصِدُوهُمْ فِي بِلَادِهِمْ لِقِتَالِهِمْ حَتَّى يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ. فَإِنَّ هَؤُلَاءِ التَّتَارَ لَا يُقَاتَلُونَ عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ؛ بَلْ يُقَاتِلُونَ النَّاسَ حَتَّى يَدْخُلُوا فِي طَاعَتِهِمْ فَمَنْ دَخَلَ فِي طَاعَتِهِمْ كُفُّوا عَنْهُ وَإِنْ كَانَ مُشْرِكًا أَوْ نَصْرَانِيًّا أَوْ يَهُودِيًّا وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْ كَانَ عَدُوًّا لَهُمْ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ. وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُقَاتِلُوا أَعْدَاءَهُ الْكُفَّارَ وَيُوَالُوا عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ. فَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ جُنْدِ الشَّامِ وَمِصْرَ وَالْيَمَنِ وَالْمَغْرِبِ جَمِيعِهِمْ أَنْ يَكُونُوا مُتَعَاوِنِينَ عَلَى قِتَالِ الْكُفَّارِ وَلَيْسَ لِبَعْضِهِمْ أَنْ يُقَاتِلَ بَعْضًا بِمُجَرَّدِ الرِّيَاسَةِ وَالْأَهْوَاءِ. فَهَؤُلَاءِ التَّتَارُ أَقَلُّ مَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يُقَاتِلُوا مَنْ يَلِيهِمْ مِنْ الْكُفَّارِ وَأَنْ يَكُفُّوا عَنْ قِتَالِ مَنْ يَلِيهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَيَتَعَاوَنُونَ هُمْ وَهُمْ عَلَى