الْقِتَال أَيْ مَا قَاتَلْتُمْ عَلَيْهِ. فَمَا قَاتَلُوا عَلَيْهِ كَانَ لِلْمُقَاتِلَةِ وَمَا لَمْ يُقَاتِلُوا عَلَيْهِ فَهُوَ فَيْءٌ؛ لِأَنَّ اللَّهَ أَفَاءَهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ؛ فَإِنَّهُ خَلَقَ الْخَلْقَ لِعِبَادَتِهِ وَأَحَلَّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ لِيَأْكُلُوا طَيِّبًا وَيَعْمَلُوا صَالِحًا. وَالْكُفَّارُ عَبَدُوا غَيْرَهُ فَصَارُوا غَيْرَ مُسْتَحِقِّينَ لِلْمَالِ. فَأَبَاحَ لِلْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَأَنْ يَسْتَرِقُّوا أَنْفُسَهُمْ وَأَنْ يَسْتَرْجِعُوا الْأَمْوَالَ مِنْهُمْ. فَإِذَا أَعَادَهَا اللَّهُ إلَى الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُمْ فَقَدْ فَاءَتْ أَيْ رَجَعَتْ إلَى مُسْتَحِقِّيهَا. وَهَذَا الْفَيْءُ يَدْخُلُ فِيهِ جِزْيَةُ الرُّءُوس الَّتِي تُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَيَدْخُلُ فِيهِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ مِنْ الْعُشُورِ؛ وَأَنْصَافِ الْعُشُورِ وَمَا يُصَالَحُ عَلَيْهِ الْكُفَّارُ مِنْ الْمَالِ كَاَلَّذِي يَحْمِلُونَهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَيَدْخُلُ فِيهِ مَا جَلَوْا عَنْهُ وَتَرَكُوهُ خَوْفًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَأَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ الَّتِي أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهَا " سُورَةَ الْحَشْرِ " وَقَالَ: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} {وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ} وَهَؤُلَاءِ أَجْلَاهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانُوا يَسْكُنُونَ شَرْقِيَّ الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ فَأَجْلَاهُمْ بَعْدَ أَنْ حَاصَرَهُمْ وَكَانَتْ أَمْوَالُهُمْ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute