للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَصْرِفُهُ إلَى ذَوِي الْحَاجَاتِ وَمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ. إذَا تَبَيَّنَ هَذَانِ الْأَصْلَانِ. فَنَقُولُ: مَنْ كَانَ مِنْ ذَوِي الْحَاجَاتِ: كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْغَارِمِينَ وَابْنِ السَّبِيلِ فَهَؤُلَاءِ يَجُوزُ؛ بَلْ يَجِبُ أَنْ يُعْطُوا مِنْ الزَّكَوَاتِ وَمِنْ الْأَمْوَالِ الْمَجْهُولَةِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ. وَكَذَلِكَ يُعْطُوا مِنْ الْفَيْءِ مِمَّا فَضَلَ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ. سَوَاءٌ كَانُوا مُشْتَغِلِينَ بِالْعِلْمِ الْوَاجِبِ عَلَى الْكِفَايَةِ أَوْ لَمْ يَكُونُوا وَسَوَاءٌ كَانُوا فِي زَوَايَا أَوْ رَبْطٍ أَوْ لَمْ يَكُونُوا؛ لَكِنْ مَنْ كَانَ مُمَيَّزًا بِعِلْمِ أَوْ دِينٍ كَانَ مُقَدَّمًا عَلَى غَيْرِهِ. وَأَحَقُّ هَذَا الصِّنْفِ مَنْ ذَكَرَهُمْ اللَّهُ بِقَوْلِهِ: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إلْحَافًا} فَمَنْ كَانَ مَا هُوَ مَشْغُولٌ بِهِ مِنْ الْعِلْمِ وَالدِّينِ الَّذِي أُحْصِرَ بِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ مَنَعَهُ الْكَسْبَ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ. وَيُعْطَى قُضَاةُ الْمُسْلِمِينَ وَعُلَمَاؤُهُمْ مِنْهُ مَا يَكْفِيهِمْ وَيَدْفَعُ مِنْهُ أَرْزَاقَ الْمُقَاتِلَةِ وَذَرَارِيِّهِمْ لَا سِيَّمَا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ الطالبيين والعباسيين وَغَيْرِهِمْ؛ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يَتَعَيَّنُ إعْطَاؤُهُمْ مِنْ الْخُمُسِ وَالْفَيْءِ وَالْمَصَالِحِ؛ لِكَوْنِ الزَّكَاةِ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ. وَالْفَقِيرُ الشَّرْعِيُّ الْمَذْكُورُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الَّذِي يَسْتَحِقُّ مِنْ الزَّكَاةِ وَالْمَصَالِحِ وَنَحْوِهِمَا لَيْسَ هُوَ الْفَقِيرُ الِاصْطِلَاحِيِّ الَّذِي يَتَقَيَّدُ بِلُبْسَةِ