للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَحِكْمَتَهُ وَرَحْمَتَهُ وَجَعَلَ الْمَقْصُودَ الَّذِي خُلِقُوا لَهُ فِيمَا أَمَرَهُمْ بِهِ هُوَ عِبَادَتُهُ. وَأَصْلُ ذَلِكَ هُوَ مَعْرِفَتُهُ وَمَحَبَّتُهُ. فَمَنْ هَدَاهُ اللَّهُ صِرَاطَهُ الْمُسْتَقِيمَ آتَاهُ رَحْمَةً وَعِلْمًا وَمَعْرِفَةً بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلْيَا وَرَزَقَهُ الْإِنَابَةَ إلَيْهِ وَالْوَجَلَ لِذِكْرِهِ وَالْخُشُوعَ لَهُ وَالتَّأَلُّهَ لَهُ: فَحَنَّ إلَيْهِ حَنِينَ النُّسُورِ إلَى أَوْكَارِهَا. وَكُلِّفَ بِحُبِّهِ تَكَلُّفَ الصَّبِيِّ بِأُمِّهِ لَا يَعْبُدُ إلَّا إيَّاهُ رَغْبَةً وَرَهْبَةً وَمَحَبَّةً وَأَخْلَصَ دِينَهُ لِمَنْ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ لَهُ رَبِّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ. مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ. خَالِقِ مَا تُبْصِرُونَ وَمَا لَا تُبْصِرُونَ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الَّذِي أَمَرَهُ إذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ: كُنْ فَيَكُونُ. لَمْ يَتَّخِذْ مَنْ دُونِهِ أَنْدَادًا كَاَلَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَاَلَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَمْ يُشْرِكْ بِرَبِّهِ أَحَدًا وَلَمْ يَتَّخِذْ مِنْ دُونِهِ وَلِيًّا وَلَا شَفِيعًا؛ لَا مَلِكًا وَلَا نَبِيًّا وَلَا صَدِيقًا؛ فَإِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا. فَهُنَالِكَ اجْتَبَاهُ مَوْلَاهُ وَاصْطَفَاهُ وَآتَاهُ رُشْدَهُ. وَهَدَاهُ لِمَا اُخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ؛ فَإِنَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ. وَذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بَعْدَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَبْلَ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى التَّوْحِيدِ وَالْإِخْلَاصِ كَمَا كَانَ عَلَيْهِ أَبُوهُمْ آدَمَ أَبُو الْبَشَرِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حَتَّى ابْتَدَعُوا الشِّرْكَ وَعِبَادَةَ الْأَوْثَانِ - بِدْعَةً مِنْ تِلْقَاءِ