وَتَفَرَّقُوا فِي التَّثْلِيثِ وَالِاتِّحَادِ تَفَرُّقًا وَتَشَتَّتُوا تَشَتُّتًا؛ لَا يُقِرُّ بِهِ عَاقِلٌ. وَلَمْ يَجِئْ نَقْلٌ إلَّا كَلِمَاتٌ مُتَشَابِهَاتٌ فِي الْإِنْجِيلِ وَمَا قَبْلَهُ مِنْ الْكُتُبِ قَدْ بَيَّنَتْهَا كَلِمَاتٌ مُحْكَمَاتٌ فِي الْإِنْجِيلِ وَمَا قَبْلَهُ كُلُّهَا تَنْطِقُ بِعُبُودِيَّةِ الْمَسِيحِ وَعِبَادَتِهِ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَدُعَائِهِ وَتَضَرُّعِهِ. وَلَمَّا كَانَ أَصْلُ الدِّينِ هُوَ الْإِيمَانُ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ كَمَا قَالَ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ: {أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ} وَقَالَ: {لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ} كَانَ أَمْرُ الدِّينِ تَوْحِيدَ اللَّهِ وَالْإِقْرَارَ بِرُسُلِهِ. وَلِهَذَا كَانَ الصَّابِئُونَ وَالْمُشْرِكُونَ كالبراهمة وَنَحْوِهِمْ مِنْ مُنْكِرِي النُّبُوَّاتِ مُشْرِكِينَ بِاَللَّهِ فِي إقْرَارِهِمْ وَعِبَادَتِهِمْ وَفَاسِدِي الِاعْتِقَادِ فِي رُسُلِهِ. فَأَرْبَابُ التَّثْلِيثِ فِي الْوَحْدَانِيَّةِ وَالِاتِّحَادِ فِي الرِّسَالَةِ قَدْ دَخَلَ فِي أَصْلِ دِينِهِمْ مِنْ الْفَسَادِ مَا هُوَ بَيِّنٌ بِفِطْرَةِ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا وَبِكُتُبِ اللَّهِ الَّتِي أَنْزَلَهَا. وَلِهَذَا كَانَ عَامَّةُ رُؤَسَائِهِمْ - مِنْ الْقِسِّيسِينَ وَالرُّهْبَانِ وَمَا يَدْخُلُ فِيهِمْ مِنْ الْبَطَارِقَةِ وَالْمَطَارِنَةِ وَالْأَسَاقِفَةِ - إذَا صَارَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ فَاضِلًا مُمَيَّزًا فَإِنَّهُ يَنْحَلُّ عَنْ دِينِهِ وَيَصِيرُ مُنَافِقًا لِمُلُوكِ أَهْلِ دِينِهِ وَعَامَّتِهِمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute