للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جَنَابَةٍ وَلَا إزَالَةِ نَجَاسَةٍ؛ مَعَ أَنَّ الْمَسِيحَ وَالْحَوَارِيِّينَ كَانُوا عَلَى شَرِيعَةِ التَّوْرَاةِ. ثُمَّ إنَّ الصَّلَاةَ إلَى الْمَشْرِقِ لَمْ يَأْمُرْ بِهَا الْمَسِيحُ وَلَا الْحَوَارِيُّونَ؛ وَإِنَّمَا ابْتَدَعَهَا قُسْطَنْطِينَ أَوْ غَيْرِهِ. وَكَذَلِكَ الصَّلِيبُ إنَّمَا ابْتَدَعَهُ قُسْطَنْطِينُ بِرَأْيِهِ وَبِمَنَامِ زَعَمَ أَنَّهُ رَآهُ. وَأَمَّا الْمَسِيحُ وَالْحَوَارِيُّونَ فَلَمْ يَأْمُرُوا بِشَيْءِ مِنْ ذَلِكَ. وَالدِّينُ الَّذِي يَتَقَرَّبُ الْعِبَادُ بِهِ إلَى اللَّهِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ أَمَرَ بِهِ وَشَرَعَهُ عَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِهِ وَأَنْبِيَائِهِ؛ وَإِلَّا فَالْبِدَعُ كُلُّهَا ضَلَالَةٌ وَمَا عُبِدَتْ الْأَوْثَانُ إلَّا بِالْبِدَعِ. وَكَذَلِكَ إدْخَالُ الْأَلْحَانِ فِي الصَّلَوَاتِ لَمْ يَأْمُرْ بِهَا الْمَسِيحُ وَلَا الْحَوَارِيُّونَ. وَبِالْجُمْلَةِ فَعَامَّةُ أَنْوَاعِ الْعِبَادَاتِ وَالْأَعْيَادِ الَّتِي هُمْ عَلَيْهَا لَمْ يُنْزِلْ بِهَا اللَّهُ كِتَابًا وَلَا بَعَثَ بِهَا رَسُولًا؛ لَكِنَّ فِيهِمْ رَأْفَةٌ وَرَحْمَةٌ وَهَذَا مِنْ دِينِ اللَّهِ؛ بِخِلَافِ الْأَوَّلِينَ؛ فَإِنَّ فِيهِمْ قَسْوَةً وَمَقْتًا وَهَذَا مِمَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَكِنْ الْأَوَّلُونَ لَهُمْ تَمْيِيزٌ وَعَقْلٌ مَعَ الْعِنَادِ وَالْكِبْرِ. وَالْآخَرُونَ فِيهِمْ ضَلَالٌ عَنْ الْحَقِّ وَجَهْلٌ بِطَرِيقِ اللَّهِ.