الْحَنِيفِيَّةِ وَلَا الْحَوَارِيُّونَ بَعْدَهُ. فَيَا أَيُّهَا الْمَلِكُ كَيْفَ تَسْتَحِلُّ سَفْكَ الدِّمَاءِ وَسَبْيَ الْحَرِيمِ وَأَخْذَ الْأَمْوَالِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ مِنْ اللَّهِ وَرُسُلِهِ. ثُمَّ أَمَا يَعْلَمُ الْمَلِكُ أَنَّ بِدِيَارِنَا مِنْ النَّصَارَى أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْأَمَانِ مَا لَا يُحْصِي عَدَدَهُمْ إلَّا اللَّهُ وَمُعَامَلَتُنَا فِيهِمْ مَعْرُوفَةٌ فَكَيْفَ يُعَامِلُونَ أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ بِهَذِهِ الْمُعَامَلَاتِ الَّتِي لَا يَرْضَى بِهَا ذُو مُرُوءَةٍ وَلَا ذُو دِينٍ لَسْت أَقُولُ عَنْ الْمَلِكِ وَأَهْلِ بَيْته وَلَا إخْوَتِهِ؛ فَإِنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ شَاكِرٌ لِلْمَلِكِ وَلِأَهْلِ بَيْتِهِ كَثِيرًا مُعْتَرِفًا بِمَا فَعَلُوهُ مَعَهُ مِنْ الْخَيْرِ وَإِنَّمَا أَقُولُ عَنْ عُمُومِ الرَّعِيَّةِ. أَلَيْسَ الْأَسْرَى فِي رَعِيَّةِ الْمَلِكِ أَلَيْسَتْ عُهُودُ الْمَسِيحِ وَسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ تُوَصِّي بِالْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ. فَأَيْنَ ذَلِكَ. ثُمَّ إنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ إنَّمَا أُخِذُوا غَدْرًا وَالْغَدْرُ حَرَامٌ فِي جَمِيعِ الْمِلَلِ وَالشَّرَائِعِ وَالسِّيَاسَاتِ فَكَيْفَ تَسْتَحِلُّونَ أَنْ تَسْتَوْلُوا عَلَى مَنْ أَخَذَ غَدْرًا أَفَتَأْمَنُونَ مَعَ هَذَا أَنْ يُقَابِلَكُمْ الْمُسْلِمُونَ بِبَعْضِ هَذَا وَتَكُونُونَ مَغْدُورِينَ وَاَللَّهُ نَاصِرُهُمْ وَمُعِينُهُمْ؛ لَا سِيَّمَا فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ وَالْأُمَّةُ قَدْ امْتَدَّتْ لِلْجِهَادِ. وَاسْتَعَدَّتْ لِلْجَلَّادِ. وَرَغِبَ الصَّالِحُونَ وَأَوْلِيَاءُ الرَّحْمَنِ فِي طَاعَتِهِ وَقَدْ تَوَلَّى الثُّغُورَ السَّاحِلِيَّةَ أُمَرَاءُ ذَوُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَقَدْ ظَهَرَ بَعْضُ أَثَرِهِمْ وَهُمْ فِي ازْدِيَادٍ. ثُمَّ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الرِّجَالِ الفداوية الَّذِينَ يَغْتَالُونَ الْمُلُوكَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute