أَيْ فِي مُعَاوَنَتِهِمْ {يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ} فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا} أَيْ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ يُوَالُونَ أَهْلَ الذِّمَّةِ {عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} {وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ} . فَقَدْ عَرَفَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ أَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمُنَافِقِينَ يُكَاتِبُونَ أَهْلَ دِينِهِمْ بِأَخْبَارِ الْمُسْلِمِينَ وَبِمَا يَطَّلِعُونَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَسْرَارِهِمْ حَتَّى أُخِذَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي بِلَادِ التَّتَارِ وَسَبْي وَغَيْرُ ذَلِكَ؛ بِمُطَالَعَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ لِأَهْلِ دِينِهِمْ. وَمِنْ الْأَبْيَاتِ الْمَشْهُورَةِ قَوْلُ بَعْضِهِمْ:
كُلُّ الْعَدَاوَاتِ تُرْجَى مَوَدَّتُهَا … إلَّا عَدَاوَةَ مَنْ عَادَاك فِي الدِّينِ
وَلِهَذَا وَغَيْرِهِ مُنِعُوا أَنْ يَكُونُوا عَلَى وِلَايَةِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ عَلَى مَصْلَحَةِ مَنْ يُقَوِّيهِمْ أَوْ يَفْضُلُ عَلَيْهِمْ فِي الْخِبْرَةِ وَالْأَمَانَةِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ؛ بَلْ اسْتِعْمَالُ مَنْ هُوَ دُونَهُمْ فِي الْكِفَايَةِ أَنْفَعُ لِلْمُسْلِمِينَ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ وَالْقَلِيلُ مِنْ الْحَلَالِ يُبَارَكُ فِيهِ وَالْحَرَامُ الْكَثِيرُ يَذْهَبُ وَيَمْحَقُهُ اللَّهُ تَعَالَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute