للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

" مَسْأَلَةَ وُجُوبِ شُكْرِ الْمُنْعِمِ " هَلْ وَجَبَ مَعَ الشَّرْعِ بِالْعَقْلِ أَمْ لَا وَلِهَذَا كَانَتْ طَرِيقَةُ الْقُرْآنِ تَذْكِيرُ الْعِبَادِ بِآلَاءِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي شُكْرُهُمْ لَهُ وَهُوَ أَدَاءُ الْوَاجِبَاتُ الشَّرْعِيَّةِ. وَقَوْلُهُ: {وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} الْآيَةَ. إلَى قَوْلِهِ: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً} وَالْمِيثَاقُ عَلَى مَا هُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِمْ مِنْ إقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالْإِيمَانِ بِالرُّسُلِ وَتَعْزِيرِهِمْ. وَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ بِنَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَأَقْسَى قُلُوبِهِمْ؛ لَا بِمُجَرَّدِ الْمَعْصِيَةِ لِلْأَمْرِ فَكَانَ فِي هَذَا أَنَّ عُقُوبَةَ هَذِهِ الْوَاجِبَاتِ الْمُوَثَّقَةِ بِالْعُهُودِ مِنْ جِهَةِ النَّقْضِ أَوْكَدُ. وَقَوْلُهُ: {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ} وَالْأَمْرُ فِيهِمْ كَذَلِكَ. وقَوْله تَعَالَى {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ} {فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} فَإِنَّ كَوْنَهُ فِي الصَّالِحِينَ