للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَالصَّحَابَةُ كَانُوا يَعْلَمُونَ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ. وَفِيمَا جَاءَ بِهِ بَيَانُ الْحُجَّةِ عَلَى بُطْلَانِ كُفْرِ كُلِّ كَافِرٍ وَبَيَانُ ذَلِكَ بِقِيَاسِ صَحِيحٍ أَحَقُّ وَأَحْسَنُ بَيَانًا مِنْ مَقَايِيسِ أُولَئِكَ الْكُفَّارِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّ الْكُفَّارَ لَا يَأْتُونَهُ بِقِيَاسِ عَقْلِيٍّ لِبَاطِلِهِمْ إلَّا جَاءَهُ اللَّهُ بِالْحَقِّ وَجَاءَهُ مِنْ الْبَيَانِ وَالدَّلِيلِ وَضَرْبِ الْمَثَلِ بِمَا هُوَ أَحْسَنُ تَفْسِيرًا وَكَشْفًا وَإِيضَاحًا لِلْحَقِّ مِنْ قِيَاسِهِمْ. وَجَمِيعُ مَا تَقُولُهُ الصَّابِئَةُ والمتفلسفة وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْكُفَّارِ - مِنْ حُكْمٍ أَوْ دَلِيلٍ - يَنْدَرِجُ فِيمَا عَلِمَهُ الصَّحَابَةُ. وَهَذِهِ الْآيَةُ ذَكَرَهَا اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ قَوْلِهِ: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا} فَبَيَّنَ أَنَّ مَنْ هَجَرَ الْقُرْآنَ فَهُوَ مِنْ أَعْدَاءِ الرَّسُولِ وَأَنَّ هَذِهِ الْعَدَاوَةَ أَمْرٌ لَا بُدَّ مِنْهُ وَلَا مَفَرَّ عَنْهُ أَلَا تَرَى إلَى قَوْله تَعَالَى {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا} {يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا} {لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} . وَاَللَّهُ تَعَالَى قَدْ أَرْسَلَ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى جَمِيعِ الْعَالَمِينَ وَضَرَبَ الْأَمْثَالَ فِيمَا أَرْسَلَهُ بِهِ لِجَمِيعِهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} فَأَخْبَرَ أَنَّهُ ضَرَبَ لِجَمِيعِ النَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ.