للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَهُ وَأَدَّى مَا وَجَبَ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يحوجه إلَى الْحِيَلِ الْمُبْتَدَعَةِ أَبَدًا. فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمْ يَجْعَلْ عَلَيْنَا فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ وَإِنَّمَا بَعَثَ نَبِيَّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ. فَالسَّبَبُ الْأَوَّلُ: هُوَ الظُّلْمُ. وَالسَّبَبُ الثَّانِي: هُوَ عَدَمُ الْعِلْمِ. وَالظُّلْمُ وَالْجَهْلُ هُمَا وَصْفٌ لِلْإِنْسَانِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ: {وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} . وَأَصْلُ هَذَا: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ إنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْنَا الْمُحَرَّمَاتِ مِنْ الْأَعْيَانِ: كَالدَّمِ وَالْمَيْتَةِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ؛ أَوْ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ: كَالْمَيْسِرِ وَالرِّبَا وَمَا يَدْخُلُ فِيهِمَا مِنْ بُيُوعِ الْغَرَرِ وَغَيْرِهِ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَفَاسِدِ الَّتِي نَبَّهَ اللَّهُ عَلَيْهَا وَرَسُولُهُ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {إنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ: أَنَّ الْمَيْسِرَ يُوقِعُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ سَوَاءٌ كَانَ مَيْسِرًا بِالْمَالِ أَوْ بِاللَّعِبِ؛ فَإِنَّ الْمُغَالَبَةَ بِلَا فَائِدَةٍ وَأَخْذَ الْمَالِ بِلَا حَقٍّ يُوقِعُ فِي النُّفُوسِ ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ رَوَى فَقِيهُ الْمَدِينَةِ مِنْ الصَّحَابَةِ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: " {كَانَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَبَايَعُونَ الثِّمَارَ، فَإِذَا جَدَّ النَّاسُ وَحَضَرَ تَقَاضِيهِمْ قَالَ الْمُبْتَاعُ: إنَّهُ أَصَابَ الثَّمَرَ دَمَانٌ، أَصَابَهُ مِرَاضٌ أَصَابَهُ قُشَامٌ: عَاهَاتٌ يَحْتَجُّونَ بِهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا كَثُرَتْ عِنْدَهُ الْخُصُومَةُ فِي ذَلِكَ -: فَأَمَّا لَا فَلَا تَبَايَعُوا حَتَّى يَبْدُوَ