للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السَّوَادِ؛ فَإِنَّ تَسْمِيَتَهُ خَرَاجًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عِوَضٌ عَمَّا يَنْتَفِعُونَ بِهِ مِنْ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ كَمَا يُسَمِّي النَّاسُ الْيَوْمَ كِرَاءَ الْأَرْضِ لِمَنْ يَغْرِسُهَا خَرَاجًا إذَا كَانَ عَلَى كُلِّ شَجَرَةٍ شَيْءٌ مَعْلُومٌ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ} . وَمِنْهُ خَرَاجُ الْعَبْدِ؛ فَإِنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ ضَرِيبَةٍ يُخْرِجُهَا لِسَيِّدِهِ مِنْ مَالِهِ، فَمَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ أُجْرَةٌ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَعْتَقِدَ جَوَازَ مِثْلِ هَذَا؛ لِأَنَّهُ ثَابِتٌ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ. وَمَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ ثَمَنٌ أَوْ عِوَضٌ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يُشْبِهُ غَيْرَهُ. وَإِنَّمَا جَوَّزَهُ الصَّحَابَةُ - وَلَا نَظِيرَ لَهُ - لِأَجْلِ الْحَاجَةِ الدَّاعِيَةِ إلَيْهِ وَالْحَاجَةُ إلَى ذَلِكَ مَوْجُودَةٌ فِي كُلِّ أَرْضٍ فِيهَا شَجَرٌ كَالْأَرْضِ الْمُفْتَتَحَةِ سَوَاءٌ. فَإِنَّهُ إنْ قِيلَ: يُمْكِنُ الْمُسَاقَاةُ أَوْ الْمُزَارَعَةُ. قِيلَ: وَقَدْ كَانَ يُمْكِنُ عُمَرُ الْمُسَاقَاةَ أَوْ الْمُزَارَعَةَ كَمَا فَعَلَ فِي أَثْنَاءِ الدَّوْلَةِ الْعَبَّاسِيَّةِ؛ إمَّا فِي خِلَافَةِ الْمَنْصُورِ وَإِمَّا بَعْدَهُ؛ فَإِنَّهُمْ نَقَلُوا أَرْضَ السَّوَادِ مِنْ الْخَرَاجِ إلَى الْمُقَاسَمَةِ الَّتِي هِيَ الْمُسَاقَاةُ وَالْمُزَارَعَةُ. وَإِنْ قِيلَ: إنَّهُ يُمْكِنُ جَعْلُ الْكِرَاءِ بِإِزَاءِ الْأَرْضِ وَالتَّبَرُّعِ بِمَنْفَعَةِ الشَّجَرِ أَوْ الْمُحَابَاةِ فِيهَا. قِيلَ: وَقَدْ كَانَ يُمْكِنُ عُمَرُ ذَلِكَ. فَالْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ.

وَأَيْضًا: فَإِنَّا نَعْلَمُ قَطْعًا أَنَّ الْمُسْلِمِينَ مَا زَالَتْ لَهُمْ أَرَضُونَ فِيهَا شَجَرٌ