للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَعْلِفُهَا وَيَسْقِيهَا بِجُزْءٍ مِنْ دَرِّهَا وَنَسْلِهَا جَازَ دَفْعُهَا إلَى مَنْ يَعْمَلُ عَلَيْهَا لِدَرِّهَا وَنَسْلِهَا بِشَيْءٍ مَضْمُونٍ. وَإِنْ قِيلَ: فَهَلَّا جَازَ إجَارَتُهَا لِاحْتِلَابِ لَبَنِهَا كَمَا جَازَ إجَارَةُ الظِّئْرِ؟ . قِيلَ: إجَارَةُ الظِّئْرِ أَنْ تُرْضِعَ بِعَمَلِ صَاحِبِهَا لِلْغَنَمِ لِأَنَّ الظِّئْرَ هِيَ الَّتِي تُرْضِعُ الطِّفْلَ فَإِذَا كَانَتْ هِيَ الَّتِي تُوَفِّي الْمَنْفَعَةَ فَنَظِيرُهُ: أَنْ يَكُونَ الْمُؤَجِّرُ هُوَ الَّذِي يُوَفِّي مَنْفَعَةَ الْإِرْضَاعِ. وَحِينَئِذٍ فَالْقِيَاسُ: جَوَازُهُ. وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ غَنَمٌ فَاسْتَأْجَرَ غَنَمَ رَجُلٍ لِيُرْضِعَهَا لَمْ يَكُنْ هَذَا مُمْتَنِعًا. وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ هُوَ الَّذِي يَحْلِبُ اللَّبَنَ أَوْ هُوَ الَّذِي يَسْتَوْفِيهِ. فَهَذَا مُشْتَرٍ لِلَبَنِ، لَيْسَ مُسْتَوْفِيًا لِمَنْفَعَةِ وَلَا مُسْتَوْفِيًا لِلْعَيْنِ بِعَمَلِ. وَهُوَ شَبِيهٌ بِاشْتِرَاءِ الثَّمَرَةِ. وَاحْتِلَابُهُ كَاقْتِطَافِهَا. وَهُوَ الَّذِي نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: " {لَا يُبَاعُ لَبَنٌ فِي ضَرْعٍ} بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لَأَنْ يَقُومَ عَلَيْهَا وَيَحْتَلِبَ لَبَنَهَا فَهَذَا نَظِيرُ اكْتِرَاءِ الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ.