للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هِيَ مُرَادَةً؛ بَلْ هِيَ مَخْصُوصَةٌ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْأَدِلَّةِ الَّتِي تَخُصُّ مِثْلَ هَذَا الْعُمُومِ؛ فَإِنَّ هَذَا الْعُمُومَ مَخْصُوصٌ بِالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ فِي الثَّمَرِ التَّابِعِ لِشَجَرِهِ حَيْثُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {مَنْ ابْتَاعَ نَخْلًا لَمْ يُؤَبَّرْ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطُ الْمُبْتَاعُ} أَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، فَجَعَلَهَا لِلْمُبْتَاعِ إذَا اشْتَرَطَهَا بَعْدَ التَّأْبِيرِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا حِينَئِذٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا مُفْرَدَةً، وَالْعُمُومُ الْمَخْصُوصُ بِالنَّصِّ أَوْ الْإِجْمَاعِ: يَجُوزُ أَنْ يُخَصَّ مِنْهُ صُوَرٌ فِي مَعْنَاهُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنْ سَائِرِ الطَّوَائِفِ. وَيَجُوزُ أَيْضًا تَخْصِيصُهُ بِالْإِجْمَاعِ وَبِالْقِيَاسِ الْقَوِيِّ. وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ آثَارِ السَّلَفِ وَمِنْ الْمَعَانِي مَا يَخُصُّ مِثْلَ هَذَا لَوْ كَانَ عَامًّا أَوْ بِالِاشْتِدَادِ بِلَا تَغَيُّرِ لَوْنٍ كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ، فَبُدُوُّ الصَّلَاحِ فِي الثِّمَارِ مُتَنَوِّعٌ تَارَةً يَكُونُ بِالرُّطُوبَةِ بَعْدَ الْيُبْسِ، وَتَارَةً بِالْيُبْسِ بَعْدَ الرُّطُوبَةِ وَتَارَةً بِلِينِهِ. وَتَارَةً بِتَغَيُّرِ لَوْنِهِ بِحُمْرَةٍ أَوْ صُفْرَةٍ أَوْ بَيَاضٍ. وَتَارَةً لَا يَتَغَيَّرُ. وَإِذَا كَانَ قَدْ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَحْمَرَّ أَوْ يَصْفَرَّ: عُلِمَ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَمْ يَشْمَلْ جَمِيعَ أَصْنَافِ الثِّمَارِ وَإِنَّمَا يَشْمَلُ مَا تَأْتِي فِيهِ الْحُمْرَةُ وَالصُّفْرَةُ وَقَدْ جَاءَ مُقَيَّدًا: أَنَّهُ النَّخْلُ. فَتَدَبَّرْ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَإِنَّهُ عَظِيمُ الْمَنْفَعَةِ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ الَّتِي عَمَّتْ بِهَا الْبَلْوَى وَفِي نَظَائِرِهَا وَانْظُرْ فِي عُمُومِ كَلَامِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولِهِ لَفْظًا وَمَعْنًى حَتَّى تُعْطِيَهُ حَقَّهُ. وَأَحْسَنُ مَا تَسْتَدِلُّ بِهِ