أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ بِحَالِ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَازَ تَبَعًا فَلَا يُفْرَدُ بِعَقْدِ. وَ " الثَّانِي ": يَجُوزُ إذَا سَاقَى ثُمَّ زَارَعَ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَيْهِ حِينَئِذٍ. وَأَمَّا إذَا قَدَّمَ الْمُزَارَعَةَ لَمْ يَجُزْ وَجْهًا وَاحِدًا. وَهَذَا إذَا كَانَ الْجُزْءُ الْمَشْرُوطُ فِيهِمَا وَاحِدًا كَالثُّلُثِ أَوْ الرُّبُعِ فَإِنْ فَاضَلَ بَيْنَهُمَا فَفِيهِ وَجْهَانِ. وَرُوِيَ عَنْ قَوْمٍ مِنْ السَّلَفِ - مِنْهُمْ: طاوس وَالْحَسَنُ وَبَعْضُ الْخَلَفِ -: الْمَنْعُ مِنْ إجَارَتِهَا بِالْأُجْرَةِ الْمُسَمَّاةِ وَإِنْ كَانَتْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ. رَوَى حَرْبٌ عَنْ الأوزاعي أَنَّهُ سُئِلَ: هَلْ يَصْلُحُ اكْتِرَاءُ الْأَرْضِ؟ فَقَالَ: اُخْتُلِفَ فِيهِ فَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا يَرَوْنَ بِاكْتِرَائِهَا بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ بَأْسًا. وَكَرِهَ ذَلِكَ آخَرُونَ مِنْهُمْ. وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى بَيْعِ الْغَرَرِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَلْتَزِمُ الْأُجْرَةَ بِنَاءً عَلَى مَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ الزَّرْعِ؛ وَقَدْ لَا يَنْبُتُ الزَّرْعُ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ اكْتِرَاءِ الشَّجَرِ لِلِاسْتِثْمَارِ. وَقَدْ كَانَ طاوس يُزَارِعُ وَلِأَنَّ الْمُزَارَعَةَ أَبْعَدُ عَنْ الْغَرَرِ مِنْ الْمُؤَاجَرَةِ لِأَنَّ الْمُتَعَامِلَيْنِ فِي الْمُزَارَعَةِ إمَّا أَنْ يَغْنَمَا جَمِيعًا أَوْ يَغْرَمَا جَمِيعًا فَتَذْهَبُ مَنْفَعَةُ بَدَنِ هَذَا وَبَقَرِهِ وَمَنْفَعَةُ أَرْضِ هَذَا. وَذَلِكَ أَقْرَبُ إلَى الْعَدْلِ مِنْ أَنْ يَحْصُلَ أَحَدُهُمَا عَلَى شَيْءٍ مَضْمُونٍ وَيَبْقَى الْآخَرُ تَحْتَ الْخَطَرِ؛ إذْ الْمَقْصُودُ بِالْعَقْدِ هُوَ الزَّرْعُ؛ لَا الْقُدْرَةُ عَلَى حَرْثِ الْأَرْضِ وَبَذْرِهَا وَسَقْيِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute