قَالَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ - كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ - " هُمْ الْيَهُودُ " فَقَالَ سُبْحَانَهُ: {قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} . فَذَكَرَ مَا فِي النُّسَخِ مِنْ تَعْلِيقِ الْأَمْرِ بِالْمَشِيئَةِ الْإِلَهِيَّةِ وَمِنْ كَوْنِ الْأَمْرِ الثَّانِي قَدْ يَكُونُ أَصْلَحَ وَأَنْفَعَ فَقَوْلُهُ: {يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} بَيَانٌ لِلْأَصْلَحِ الْأَنْفَعِ وَقَوْلُهُ: {مَنْ يَشَاءُ} رَدٌّ لِلْأَمْرِ إلَى الْمَشِيئَةِ. وَعَلَى بَعْضِ مَا فِي الْآيَةِ اعْتِمَادُ جَمِيعِ الْمُتَكَلِّمِينَ حَيْثُ قَالُوا: التَّكْلِيفُ إمَّا تَابِعٌ لِمَحْضِ الْمَشِيئَةِ كَمَا يَقُولُهُ قَوْمٌ أَوْ تَابِعٌ لِلْمَصْلَحَةِ كَمَا يَقُولُهُ قَوْمٌ. وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَهُوَ جَائِزٌ. ثُمَّ إنَّهُ سُبْحَانَهُ بَيَّنَ وُقُوعَ النَّسْخِ بِتَحْرِيمِ الْحَلَالِ فِي التَّوْرَاةِ بِأَنَّهُ أَحَلَّ لِإِسْرَائِيلَ أَشْيَاءَ ثُمَّ حَرَّمَهَا فِي التَّوْرَاةِ وَأَنَّ هَذَا كَانَ تَحْلِيلًا شَرْعِيًّا بِخِطَابِ لَمْ يَكُونُوا اسْتَبَاحُوهُ بِمُجَرَّدِ الْبَقَاءِ عَلَى الْأَصْلِ حَتَّى لَا يَكُونَ رَفْعُهُ نَسْخًا كَمَا يَدَّعِيهِ قَوْمٌ مِنْهُمْ وَأَمَرَ بِطَلَبِ التَّوْرَاةِ فِي ذَلِكَ. وَهَكَذَا وَجَدْنَاهُ فِيهَا كَمَا حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مُسْلِمَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ.
وَهَكَذَا مُنَاظَرَةُ الصَّابِئَةِ الْفَلَاسِفَةِ وَالْمُشْرِكِينَ وَنَحْوِهِمْ فَإِنَّ الصَّابِئِيَّ الْفَيْلَسُوفَ إذَا ذَكَرَ مَا عِنْدَ قُدَمَاءِ الصَّابِئَةِ الْفَلَاسِفَةِ مِنْ الْكَلَامِ - الَّذِي عُرِّبَ وَتُرْجِمَ بِالْعَرَبِيَّةِ وَذَكَرَهُ - إمَّا صَرْفًا وَإِمَّا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي تَصَرَّفَ فِيهِ مُتَأَخِّرُوهُمْ بِزِيَادَةِ أَوْ نُقْصَانٍ وَبَسْطٍ وَاخْتِصَارٍ وَرَدِّ بَعْضِهِ وَإِتْيَانٍ بِمَعَانٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute