فَكَذَلِكَ هَذَا إذَا اشْتَرَطَا لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مَكَانًا مُعَيَّنًا خَرَجَا عَنْ مُوجِبِ الشَّرِكَةِ؛ فَإِنَّ الشَّرِكَةَ تَقْتَضِي الِاشْتِرَاكَ فِي النَّمَاءِ. فَإِذَا انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِالْمُعَيَّنِ لَمْ يَبْقَ لِلْآخَرِ فِيهِ نَصِيبٌ وَدَخَلَهُ الْخَطَرُ وَمَعْنَى الْقِمَارِ كَمَا ذَكَرَهُ رَافِعٌ فِي قَوْلِهِ: " {فَرُبَّمَا أَخْرَجَتْ هَذِهِ وَلَمْ تُخْرِجْ هَذِهِ} " فَيَفُوزُ أَحَدُهُمَا وَيَخِيبُ الْآخَرُ. وَهَذَا مَعْنَى الْقِمَارِ. وَأَخْبَرَ رَافِعٌ " أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ كِرَاءٌ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا هَذَا " وَأَنَّهُ إنَّمَا زُجِرَ عَنْهُ لِأَجْلِ مَا فِيهِ مِنْ الْمُخَاطَرَةِ وَمَعْنَى الْقِمَارِ. وَأَنَّ النَّهْيَ إنَّمَا انْصَرَفَ إلَى ذَلِكَ الْكِرَاءِ الْمَعْهُودِ؛ لَا إلَى مَا تَكُونُ فِيهِ الْأُجْرَةُ مَضْمُونَةً فِي الذِّمَّةِ. وَسَأُشِيرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ إلَى مِثْلِ ذَلِكَ فِي نَهْيِهِ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا وَرَافِعٌ أَعْلَمُ بِنَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَيِّ شَيْءٍ وَقَعَ؟ وَهَذَا - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - هُوَ الَّذِي انْتَهَى عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَإِنَّهُ قَالَ: لَمَّا حَدَّثَهُ رَافِعٌ: " {قَدْ عَلِمْت أَنَّا كُنَّا نُكْرِي مَزَارِعَنَا بِمَا عَلَى الْأَرْبِعَاءِ وَبِشَيْءٍ مِنْ التِّبْنِ} " فَبَيَّنَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَكْرُونَ بِزَرْعِ مَكَانٍ مُعَيَّنٍ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَلَغَهُ النَّهْيُ. يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَرْوِي حَدِيثَ مُعَامَلَةِ خَيْبَرَ دَائِمًا وَيُفْتِي بِهِ وَيُفْتِي بِالْمُزَارَعَةِ عَلَى الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ أَيْضًا بَعْدَ حَدِيثِ رَافِعٍ. فَرَوَى حَرْبٌ الكرماني قَالَ: حَدَّثَنَا إسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute