للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَا يُزَاحِمَهَا بِغَيْرِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْمَصَالِحِ. فَيَقُولُونَ: كُلُّ شَرْطٍ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَهُوَ بَاطِلٌ. إلَّا إذَا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِْلمُتَعَاقِدِين. وَذَلِكَ أَنَّ نُصُوصَ أَحْمَد تَقْتَضِي أَنَّهُ جَوَّزَ مِنْ الشُّرُوطِ فِي الْعُقُودِ أَكْثَرَ مِمَّا جَوَّزَهُ الشَّافِعِيُّ. فَقَدْ يُوَافِقُونَهُ فِي الْأَصْلِ وَيَسْتَثْنُونَ لِلْمُعَارِضِ أَكْثَرَ مِمَّا اسْتَثْنَى كَمَا قَدْ يُوَافِقُ هُوَ أَبَا حَنِيفَةَ فِي الْأَصْلِ وَيَسْتَثْنِي أَكْثَرَ مِمَّا يَسْتَثْنِي لِلْمُعَارِضِ. وَهَؤُلَاءِ الْفِرَقُ الثَّلَاثُ يُخَالِفُونَ أَهْلَ الظَّاهِرِ وَيَتَوَسَّعُونَ فِي الشُّرُوطِ أَكْثَرَ مِنْهُمْ؛ لِقَوْلِهِمْ بِالْقِيَاسِ وَالْمَعَانِي وَآثَارِ الصَّحَابَةِ وَلِمَا يَفْهَمُونَهُ مِنْ مَعَانِي النُّصُوصِ الَّتِي يَنْفَرِدُونَ بِهَا عَنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ. وَعُمْدَةُ هَؤُلَاءِ: قِصَّةُ بَرِيرَةَ الْمَشْهُورَةُ. وَهُوَ مَا خَرَّجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ {عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: جَاءَتْنِي بَرِيرَةُ فَقَالَتْ: كَاتَبْت أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ فِي كُلِّ عَامٍ أُوقِيَّةٌ فَأَعِينِينِي. فَقُلْت: إنْ أَحَبَّ أَهْلُك أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ وَيَكُونَ وَلَاؤُك لِي فَعَلْت. فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إلَى أَهْلِهَا فَقَالَتْ لَهُمْ فَأَبَوْا عَلَيْهَا. فَجَاءَتْ مِنْ عِنْدِهِمْ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ. فَقَالَتْ: إنِّي قَدْ عَرَضْت ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَأَبَوْا إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْوَلَاءُ فَأَخْبَرَتْ عَائِشَةُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: خُذِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمْ الْوَلَاءَ. فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ.