للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَيُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ الْمُطْلَقِ أَوْ مُقْتَضَى الْعَقْدِ مُطْلَقًا؟ فَإِنْ أَرَادَ الْأَوَّلَ: فَكُلُّ شَرْطٍ كَذَلِكَ. وَإِنْ أَرَادَ الثَّانِيَ: لَمْ يَسْلَمْ لَهُ؛ وَإِنَّمَا الْمَحْذُورُ: أَنْ يُنَافِيَ مَقْصُودَ الْعَقْدِ كَاشْتِرَاطِ الطَّلَاقِ فِي النِّكَاحِ أَوْ اشْتِرَاطِ الْفَسْخِ فِي الْعَقْدِ. فَأَمَّا إذَا شَرَطَ مَا يُقْصَدُ بِالْعَقْدِ لَمْ يُنَافِ مَقْصُودَهُ. هَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّحِيحُ: بِدَلَالَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَالِاعْتِبَارِ مَعَ الِاسْتِصْحَابِ وَعَدَمِ الدَّلِيلِ الْمُنَافِي. أَمَّا الْكِتَابُ: فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} وَالْعُقُودُ هِيَ الْعُهُودُ. وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا} وَقَالَ تَعَالَى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا} فَقَدْ أَمَرَ سُبْحَانَهُ بِالْوَفَاءِ بِالْعُقُودِ وَهَذَا عَامٌّ وَكَذَلِكَ أَمَرَ بِالْوَفَاءِ بِعَهْدِ اللَّهِ وَبِالْعَهْدِ. وَقَدْ دَخَلَ فِي ذَلِكَ مَا عَقَدَهُ الْمَرْءُ عَلَى نَفْسِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: {وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ} فَدَلَّ عَلَى أَنَّ عَهْدَ اللَّهِ يَدْخُلُ فِيهِ مَا عَقَدَهُ الْمَرْءُ عَلَى نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ اللَّهُ قَدْ أَمَرَ بِنَفْسِ ذَلِكَ الْمَعْهُودِ عَلَيْهِ قَبْلَ الْعَهْدِ كَالنَّذْرِ وَالْبَيْعِ إنَّمَا أَمَرَ بِالْوَفَاءِ بِهِ؛ وَلِهَذَا قَرَنَهُ بِالصِّدْقِ فِي قَوْلِهِ {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا} لِأَنَّ الْعَدْلَ فِي الْقَوْلِ خَبَرٌ يَتَعَلَّقُ بِالْمَاضِي وَالْحَاضِرِ وَالْوَفَاءُ بِالْعَهْدِ يَكُونُ فِي الْقَوْلِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْمُسْتَقْبَلِ كَمَا