{فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} وَهَذَا يَقْتَضِي وُجُوبَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْتَثْنَ مِنْ الْمَذْمُومِ إلَّا مَنْ اتَّصَفَ بِجَمِيعِ ذَلِكَ؛ وَلِهَذَا لَمْ يُذْكَرْ فِيهَا إلَّا مَا هُوَ وَاجِبٌ وَكَذَلِكَ فِي سُورَةِ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ فِي أَوَّلِهَا: {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ} {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} فَمَنْ لَمْ يَتَّصِفْ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْوَارِثِينَ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْآيَةِ الْحَصْرُ؛ فَإِنَّ إدْخَالَ الْفَصْلِ بَيْنَ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ يُشْعِرُ بِالْحَصْرِ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ وَارِثِي الْجَنَّةِ كَانَ مُعَرَّضًا لِلْعُقُوبَةِ؛ إلَّا أَنْ يَعْفُوَ اللَّهُ عَنْهُ؛ وَإِذَا كَانَتْ رِعَايَةُ الْعَهْدِ وَاجِبَةً فَرِعَايَتُهُ: هِيَ الْوَفَاءُ بِهِ. وَلَمَّا جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَ الْعَهْدِ وَالْأَمَانَةِ جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضِدَّ ذَلِكَ صِفَةَ الْمُنَافِقِ فِي قَوْلِهِ: {إذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ} وَعَنْهُ {عَلَى كُلِّ خُلُقٍ يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ لَيْسَ الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ} " وَمَا زَالُوا يُوصُونَ بِصِدْقِ الْحَدِيثِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ. وَهَذَا عَامٌّ. وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا يُضِلُّ بِهِ إلَّا الْفَاسِقِينَ} {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ} فَذَمَّهُمْ عَلَى نَقْضِ عَهْدِ اللَّهِ وَقَطْعِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِصِلَتِهِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ إمَّا بِالشَّرْعِ وَإِمَّا بِالشَّرْطِ الَّذِي عَقَدَهُ الْمَرْءُ بِاخْتِيَارِهِ. وَقَالَ أَيْضًا: {الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ} {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute