شَرْعِيٍّ كُنَّا مُحَرِّمِينَ مَا لَمْ يُحَرِّمْهُ اللَّهُ؛ بِخِلَافِ الْعُقُودِ الَّتِي تَتَضَمَّنُ شَرْعَ دِينٍ لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ أَنْ يُشْرَعَ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ. فَلَا يُشْرَعُ عِبَادَةٌ إلَّا بِشَرْعِ اللَّهِ وَلَا يُحَرَّمُ عَادَةٌ إلَّا بِتَحْرِيمِ اللَّهِ وَالْعُقُودُ فِي الْمُعَامَلَاتِ هِيَ مِنْ الْعَادَاتِ يَفْعَلُهَا الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ. وَإِنْ كَانَ فِيهَا قُرْبَةٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ. فَلَيْسَتْ مِنْ الْعِبَادَاتِ الَّتِي يُفْتَقَرُ فِيهَا إلَى شَرْعٍ. كَالْعِتْقِ وَالصَّدَقَةِ. فَإِنْ قِيلَ: الْعُقُودُ تُغَيِّرُ مَا كَانَ مَشْرُوعًا؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْبُضْعِ أَوْ الْمَالِ إذَا كَانَ ثَابِتًا عَلَى حَالٍ فَعَقَدَ عَقْدًا أَزَالَهُ عَنْ تِلْكَ الْحَالِ: فَقَدْ غَيَّرَ مَا كَانَ مَشْرُوعًا؛ بِخِلَافِ الْأَعْيَانِ الَّتِي لَمْ تُحَرَّمْ. فَإِنَّهُ لَا تَغَيُّرَ فِي إبَاحَتِهَا. فَيُقَالُ: لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا. وَذَلِكَ أَنَّ الْأَعْيَانَ إمَّا أَنْ تَكُونَ مِلْكًا لِشَخْصٍ أَوْ لَا تَكُونَ. فَإِنْ كَانَتْ مِلْكًا فَانْتِقَالُهَا بِالْبَيْعِ أَوْ غَيْرِهِ لَا يُغَيِّرُهَا وَهُوَ مِنْ بَابِ الْعُقُودِ. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِلْكًا فَمَلَكَهَا بِالِاسْتِيلَاءِ وَنَحْوِهِ: هُوَ فِعْلٌ مِنْ الْأَفْعَالِ مُغَيِّرٌ لِحُكْمِهَا بِمَنْزِلَةِ الْعُقُودِ. وَأَيْضًا فَإِنَّهَا قَبْلَ الذَّكَاةِ مُحَرَّمَةٌ. فَالذَّكَاةُ الْوَارِدَةُ عَلَيْهَا بِمَنْزِلَةِ الْعَقْدِ الْوَارِدِ عَلَى الْمَالِ. فَكَمَا أَنَّ أَفْعَالَنَا فِي الْأَعْيَانِ مِنْ الْأَخْذِ وَالذَّكَاةِ: الْأَصْلُ فِيهَا الْحِلُّ وَإِنْ غَيَّرَ حُكْمَ الْعَيْنِ. فَكَذَلِكَ أَفْعَالُنَا فِي الْأَمْلَاكِ بِالْعُقُودِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute