لِمُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ أَوْ أَنْ يَصِلَ بِهِ رَحِمَهُ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ: فَهُوَ اشْتِرَاطُ تَصَرُّفٍ مَقْصُودٍ. وَمِثْلُهُ التَّبَرُّعُ الْمَفْرُوضُ وَالتَّطَوُّعُ. وَأَمَّا التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْعِتْقِ وَغَيْرِهِ بِمَا فِي الْعِتْقِ مِنْ الْفَضْلِ الَّذِي يَتَشَوَّفُهُ الشَّارِعُ: فَضَعِيفٌ. فَإِنَّ بَعْضَ أَنْوَاعِ التَّبَرُّعَاتِ أَفْضَلُ مِنْهُ. فَإِنَّ صِلَةَ ذِي الرَّحِمِ الْمُحْتَاجِ أَفْضَلُ مِنْ الْعِتْقِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَد؛ فَإِنَّ {مَيْمُونَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْتَقَتْ جَارِيَةً لَهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ تركتيها لِأَخْوَالِك لَكَانَ خَيْرًا لَك} وَلِهَذَا لَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ أَقَارِبُ لَا يَرِثُونَ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لَهُمْ أَوْلَى مِنْ الْوَصِيَّةِ بِالْعِتْقِ. وَمَا أَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا. وَإِنَّمَا أَعْلَمُ الِاخْتِلَافَ فِي وُجُوبِ الْوَصِيَّةِ لَهُمْ. فَإِنَّ فِيهِ عَنْ أَحْمَد رِوَايَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا: تَجِبُ. كَقَوْلِ طَائِفَةٍ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ؛ وَالثَّانِيَةُ: لَا تَجِبُ كَقَوْلِ الْفُقَهَاءِ الثَّلَاثَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَلَوْ وَصَّى لِغَيْرِهِمْ دُونَهُمْ: فَهَلْ تُرَدُّ تِلْكَ الْوَصِيَّةُ عَلَى أَقَارِبِهِ دُونَ الْمُوصَى لَهُ أَوْ يُعْطِي ثُلُثَهَا لِلْمُوصَى لَهُ وَثُلُثَاهَا لِأَقَارِبِهِ كَمَا تُقَسَّمُ التَّرِكَةُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَالْمُوصَى لَهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد. وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ أَكْثَرِ أَصْحَابِهِ: هُوَ الْقَوْلُ بِنُفُوذِ الْوَصِيَّةِ. فَإِذَا كَانَ بَعْضُ التَّبَرُّعَاتِ أَفْضَلَ مِنْ الْعِتْقِ لَمْ يَصِحَّ تَعْلِيلُهُ بِاخْتِصَاصِهِ بِمَزِيدِ الْفَضِيلَةِ. وَأَيْضًا فَقَدْ يَكُونُ الْمَشْرُوطُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَفْضَلَ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِلَّهِ مِنْ زَكَاةٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ دَيْنٍ لِآدَمِيِّ فَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute