للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ وَحْدَهُ فَلَا يَقُومُ بِهِ إلَّا دِينٌ ضَعِيفٌ. وَأَمَّا الثَّالِثُ فَتَقُومُ بِهِ الدُّنْيَا الْفَاجِرَةُ وَالدِّينُ الْمُبْتَدَعُ. وَأَمَّا الدِّينُ الْمَشْرُوعُ وَالدُّنْيَا السَّالِمَةُ فَلَا تَقُومُ إلَّا بِالثَّالِثِ: مِثْلَ إعْطَاءِ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ لِجَلْبِ مَنْفَعَتِهِمْ أَوْ دَفْعِ مَضَرَّتِهِمْ وَرِشْوَةِ الْوُلَاةِ لِدَفْعِ الظُّلْمِ أَوْ تَخْلِيصِ الْحَقِّ؛ لَا لِمَنْعِ الْحَقِّ وَإِعْطَاءِ مَنْ يُتَّقَى شَرُّ لِسَانِهِ أَوْ يَدِهِ مِنْ شَاعِرٍ أَوْ ظَالِمٍ أَوْ قَاطِعِ طَرِيقٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. وَإِعْطَاءِ مَنْ يُسْتَعَانُ بِهِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى مِنْ أَعْوَانٍ وَأَنْصَارٍ وَوُلَاةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَأَصْلُهُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَسِيرَةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ: أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ لِلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ حَقًّا فِي الصَّدَقَاتِ الَّتِي حَصَرَ مَصَارِفَهَا فِي كِتَابِهِ وَتَوَلَّى قَسْمَهَا بِنَفْسِهِ وَكَانَ هَذَا تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُمْ يُعْطَوْنَ مِنْ الْمَصَالِحِ - وَمِنْ الْفَيْءِ عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ - الَّتِي هِيَ أَوْسَعُ مَصْرِفًا مِنْ الزَّكَاةِ؛ فَإِنَّ كُلَّ مَنْ جَازَ أَنْ يُعْطَى مِنْ الصَّدَقَةِ أُعْطِيَ مِنْ الْمَصَالِحِ وَلَا يَنْعَكِسُ؛ لِأَنَّ آخِذَ الصَّدَقَةِ إمَّا أَنْ يَأْخُذَ لِحَاجَتِهِ أَوْ لِمَنْفَعَتِهِ وَكِلَا الْأَمْرَيْنِ يُؤْخَذُ مِنْهُمَا لِلْمَصَالِحِ؛ بَلْ لَيْسَتْ الْمَصَالِحُ إلَّا ذَلِكَ، وَالْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ هُمْ مِنْ أَهْلِ الْمَنْفَعَةِ الَّذِينَ هُمْ أَحَقُّ بِمَالِ الْمَصَالِحِ وَالْفَيْءِ. وَلِهَذَا أَعْطَاهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْفَيْءِ وَالْمَغَانِمِ كَمَا