للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَأَجَابَ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ، أَمَّا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ الْمَنْصُوصُ عَنْهُ فَإِنَّهُ لَا يُجَوِّزُ هَذِهِ الْبُيُوعَ؛ لَكِنَّ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ وَهُوَ الصَّحِيحُ. أَمَّا الْأَوْلَى فَمَذْهَبُ الثَّلَاثَةِ أَنَّهُ يَصِحُّ - مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمْ - وَقَدْ حَكَى ذَلِكَ قَوْلًا لِلشَّافِعِيِّ؛ فَإِنَّهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ اشْتَرَى الباقلا الْأَخْضَرَ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ مِنْ عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ فِي جَمِيعِ الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ. وَقَدْ {نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْحَبِّ حَتَّى يَشْتَدَّ وَعَنْ بَيْعِ الْعِنَبِ حَتَّى يَسْوَدَّ} فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْحَبِّ بَعْدَ اشْتِدَادِهِ وَإِنْ كَانَ فِي سُنْبُلِهِ وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَمْنَعُ بَيْعَ الباقلا فِي قِشْرِهِ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ؛ وَلِهَذَا عَدَّ الطرسوسي وَغَيْرُهُ الْمَنْعَ مِنْ بَيْعِ الباقلا مِنْ الْبِدَعِ الْمُحْدَثَةِ فَإِنَّهُ لَا يُعْرَفُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ أَنَّهُ مَنَعَ ذَلِكَ. وَحُجَّةُ الْمَانِعِ: {نَهْيُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ} فَظَنُّوا أَنَّ هَذَا مَجْهُولٌ؛ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ؛ فَإِنَّ هَذِهِ الْأَعْيَانَ تُعْرَفُ كَمَا يُعْرَفُ غَيْرُهَا مِنْ الْمَبِيعَاتِ الَّتِي يُسْتَدَلُّ بِرُؤْيَةِ بَعْضِهَا عَلَى جَمِيعِهَا. وَكَذَلِكَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْعُقُودِ مِنْ الصِّيَغِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُعَاطَاةِ لَكِنَّ الْجُمْهُورَ يُخَالِفُونَ هَذَا. فَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّ كُلَّ مَا عَدَّهُ النَّاسُ بَيْعًا فَهُوَ بَيْعٌ فَيَجُوزُ بَيْعُ الْمُعَاطَاةِ فِي الْقَلِيلِ