للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلِلْعُلَمَاءِ قَوْلَانِ فِي الدَّرَاهِمِ هَلْ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فِي الْعُقُودِ والقبوض حَتَّى فِي الْغَصْبِ وَالْوَدِيعَةِ؟ ؟ فَقِيلَ: تَتَعَيَّنُ مُطْلَقًا كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَقِيلَ: لَا تَتَعَيَّنُ مُطْلَقًا كَقَوْلِ ابْنِ قَاسِمٍ. وَقِيلَ: تَتَعَيَّنُ فِي الْغَصْبِ وَالْوَدِيعَةِ؛ دُونَ الْعَقْدِ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَإِذَا خُلِطَ الْمَغْصُوبُ بِمِثْلِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَمَيَّزُ كَمَا تُخْلَطُ الْأَدْهَانُ وَالْأَلْبَانُ وَالْحُبُوبُ وَغَيْرُهَا فَهَلْ يَكُونُ الْخَلْطُ كَالْإِتْلَافِ حَيْثُ يَبْقَى حَقُّ الْمَظْلُومِ فِي الذِّمَّةِ فَيُعْطِيهِ الظَّالِمُ مِنْ حَيْثُ شَاءَ؟ أَوْ حَقُّهُ بَاقٍ فِي الْعَيْنِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ عَيْنِ الْخَلْطِ بِالْقِسْمَةِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد. وَمَعْلُومٌ أَنَّ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ الزَّائِدَةَ لَيْسَتْ مُتَعَيِّنَة سَوَاءٌ اشْتَرَى مِنْهُ دَرَاهِمَ فِي الذِّمَّةِ أَوْ مَنْفَعَةً؛ فَإِنَّ الْمَظْلُومَ أَخَذَ مِنْهُ الْقَدْرَ الزَّائِدَ عَلَى عِوَضِ الْمِثْلِ وَلَيْسَ هُوَ مُتَعَيَّنًا وَلَوْ كَانَ مُتَعَيَّنًا ثُمَّ خَلَطَهُ بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ مِنْهُ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ التَّعْيِينِ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فَكَيْفَ إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَعَيَّنًا فِي الْأَصْلِ؟ فَعَلَى قَوْلِ كَثِيرٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ لَيْسَ حَقُّهُ إلَّا فِي ذِمَّةِ الظَّالِمِ. وَهَذَا نَظِيرُ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: إنَّ الْمُضَارِبَ وَالْمُودِعَ إذَا مَاتَ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْوَدِيعَةَ وَالْمُضَارَبَةَ صَارَتْ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ وَلَمْ يَجْعَلُوا لِصَاحِبِ الْمَالِ حَقًّا فِي عَيْنِ التَّرِكَةِ؛ فَإِنَّ تَفْرِيطَ الْمُودَعِ حِينَ لَمْ يُمَيِّزْ الْوَدِيعَةَ مِنْ غَيْرِهَا مُوجِبٌ لِضَمَانِهِ؛ لَكِنَّ هَؤُلَاءِ أَسْقَطُوا حَقَّ الْمَالِكِ مِنْ عَيْنِ مَالِ الْمَيِّتِ فَلَمْ