للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قِيمَةَ ذَلِكَ النَّفْعِ أَخَذَ حَقَّهُ فَلَا يَبْقَى لِصَاحِبِ الْعَيْنِ شَرِيكٌ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْرِفْ الْمَظْلُومَ فَإِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِهِ عَنْهُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ كَمَا لَوْ حَصَلَ بِيَدِهِ أَثْمَانٌ مِنْ غصوب وَعَوَارٍ وَوَدَائِعَ لَا يَعْرِفُ أَصْحَابَهَا فَإِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِهَا عَنْهُمْ؛ لِأَنَّ الْمَجْهُولَ كَالْمَعْدُومِ فِي الشَّرِيعَةِ وَالْمَعْجُوزُ عَنْهُ كَالْمَعْدُومِ؛ وَلِهَذَا {قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اللُّقَطَةِ: فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَأَدِّهَا إلَيْهِ وَإِلَّا فَهِيَ مَالُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} . فَإِذَا كَانَ فِي اللُّقَطَةِ الَّتِي تَحْرُمُ بِأَنَّهَا سَقَطَتْ مِنْ مَالِكٍ لَمَّا تَعَذَّرَ مَعْرِفَةُ صَاحِبِهَا جَعَلَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُلْتَقِطِ - وَلَا نِزَاعَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي جَوَازِ صَدَقَتِهِ بِهَا وَإِنَّمَا تَنَازَعُوا فِي جَوَازِ تَمَلُّكِهِ لَهَا مَعَ الْغِنَى وَالْجُمْهُورُ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ - فَكَيْفَ مَا يَجْهَلُ فِيهِ ذَلِكَ. وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ آثَارٌ مَعْرُوفَةٌ مِثْلُ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ لَمَّا اشْتَرَى جَارِيَةً ثُمَّ خَرَجَ لِيُوَفِّيَ الْبَائِعَ الثَّمَنَ فَلَمْ يَجِدْهُ فَجَعَلَ يَطُوفُ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ هَذِهِ عَنْ صَاحِبِ الْجَارِيَةِ فَإِنْ رَضِيَ فَقَدْ بَرِئَتْ ذِمَّتِي وَإِنْ لَمْ يَرْضَ فَهُوَ عَنِّي وَلَهُ عَلَيَّ مِثْلُهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَحَدِيثُ الرَّجُلِ الَّذِي غَلَّ مِنْ الْغَنِيمَةِ فِي غَزْوَةِ قُبْرُصَ وَجَاءَ إلَى مُعَاوِيَةَ يَرُدُّ إلَيْهِ الْمَغْلُولَ فَلَمْ يَأْخُذْهُ فَاسْتَفْتَى بَعْضَ التَّابِعِينَ فَأَفْتَاهُ بِأَنْ يَتَصَدَّقَ بِذَلِكَ عَنْ الْجَيْشِ وَرَجَعَ إلَى مُعَاوِيَةَ فَأَخْبَرَهُ فَاسْتَحْسَنَ ذَلِكَ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَقُولُ: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} . وَالْمَالُ