أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ} وَقَالَ: {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا} فَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدُوا عِبَادَةَ الشَّيْطَانِ وَمُوَالَاتَهُ وَلَكِنَّهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ يَعْبُدُونَهُ وَيُوَالُونَهُ. فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْفَلَاسِفَةَ الصَّابِئَةَ الْمُبْتَدِعَةَ مُؤْمِنُونَ بِقَلِيلِ مِمَّا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ فِي أَمْرِ الْمَلَائِكَةِ؛ فِي صِفَتِهِمْ وَأَقْدَارِهِمْ. وَذَلِكَ: أَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ إنَّمَا سَلَكُوا سَبِيلَ الِاسْتِدْلَالِ بِالْحَرَكَاتِ الْفَلَكِيَّةِ وَالْقِيَاسِ عَلَى نُفُوسِهِمْ؛ مَعَ مَا جَحَدُوهُ وَجَهِلُوهُ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ وَإِبْدَاعِهِ. وَسَبَبُ ذَلِكَ: مَا ذَكَرَهُ طَائِفَةٌ مِمَّنْ جَمَعَ أَخْبَارَهُمْ: أَنَّ أَسَاطِينَهمْ الْأَوَائِلَ: كفيثاغورس وَسُقْرَاطَ؛ وَأَفْلَاطُونَ كَانُوا يُهَاجِرُونَ إلَى أَرْضِ الْأَنْبِيَاءِ بِالشَّامِ؛ وَيَتَلَقَّوْنَ عَنْ لُقْمَانَ الْحَكِيمِ وَمَنْ بَعْدَهُ مِنْ أَصْحَابِ دَاوُد وَسُلَيْمَانَ وَأَنَّ أَرِسْطُو لَمْ يُسَافِرْ إلَى أَرْضِ الْأَنْبِيَاءِ؛ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنْ الْعِلْمِ بِأَثَارَةِ الْأَنْبِيَاءِ مَا عِنْدَ سَلَفِهِ. وَكَانَ عِنْدَهُ قَدْرٌ يَسِيرٌ مِنْ الصابئية الصَّحِيحَةِ فَابْتَدَعَ لَهُمْ هَذِهِ التَّعَالِيمَ الْقِيَاسِيَّةَ وَصَارَتْ قَانُونًا مَشَى عَلَيْهِ أَتْبَاعُهُ وَاتَّفَقَ أَنَّهُ قَدْ يَتَكَلَّمُ فِي طَبَائِعِ الْأَجْسَامِ أَوْ فِي صُورَةِ الْمَنْطِقِ أَحْيَانًا بِكَلَامِ صَحِيحٍ. " وَأَمَّا الْأَوَّلُونَ " فَلَمْ يُوجَدْ لَهُمْ مَذْهَبٌ تَامٌّ مُبْتَدَعٌ بِمَنْزِلَةِ مُبْتَدِعَةِ الْمُتَكَلِّمِينَ فِي الْمُسْلِمِينَ مِثْلُ: أَبِي الهذيل وَهِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّنْ وَضَعَ مَذْهَبًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute