أَمَّا عَدَمُ الْفَسْخِ بِفَوَاتِ الشَّرْطِ الصَّحِيحِ وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: لَا تُرَدُّ الْحُرَّةُ بِعَيْبِ، فَهَذَا لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ فِي كَلَامِ الشَّارِعِ أَلْبَتَّةَ؛ بَلْ مَتَى كَانَ الشَّرْطُ صَحِيحًا وَفَاتَ: فَلِمُشْتَرِطِهِ الْفَسْخُ، ثُمَّ الشَّرْطُ الْمُتَقَدِّمُ عَلَى الْعَقْدِ هَلْ هُوَ كَالْمُقَارِنِ لَهُ؟ فِيهِ قَوْلَانِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ كَالْمُقَارِنِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَد وَمَالِكٍ وَوَجْهٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ يَخْرُجُ مِنْ السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ وَأَحْمَد يُوجِبُ مَا سَمَّى فِي الْعَلَانِيَةِ وَإِنْ كَانَ دُونَ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ فِي السِّرِّ لَكِنْ يُوجِبُ ذَلِكَ ظَاهِرًا وَيَأْمُرُهُمْ أَنْ يُوفُوا بِمَا شَرَطُوا لَهُ فَعَلَى هَذَا لَمْ يُحْكَمْ بِالسِّرِّ لِعَدَمِ ثُبُوتِهِ وَإِنْ ثَبَتَ حُكِمَ بِهِ. وَإِنْ قِيلَ: لَا يُحْكَمُ بِهِ مُطْلَقًا فَلِأَنَّهُمْ أَظْهَرُوا خِلَافَ مَا أَبْطَنُوهُ وَالنِّكَاحُ مَبْنَاهُ عَلَى الْإِعْلَانِ لَا عَلَى الْإِسْرَارِ وَهَذَا بِخِلَافِ شَرْطٍ لَمْ يُظْهِرُوا مَا يُنَاقِضُهُ فِي النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ وَغَيْرِهِمَا فَهَذَا يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ عِنْدَهُ وَهُوَ يُؤَثِّرُ فِي الْعَقْدِ. وَالشَّافِعِيُّ إذَا قَالَ فِي النِّكَاحِ: إنَّهُ يُؤْخَذُ بِالسِّرِّ فَفِي غَيْرِهِ أَوْلَى. وَأَمَّا صِحَّتُهُ مَعَ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ: فَالْأَصْلُ فِيهِ عَدَمُ تَقْدِيرِ الْمَهْرِ وَلَيْسَ هَذَا شَرْطًا فَاسِدًا؛ بِدَلِيلِ أَنَّ الشَّرْطَ الْفَاسِدَ لَا يَحِلُّ اشْتِرَاطُهُ وَهَذَا النِّكَاحُ حَلَالٌ فَلَوْ تَزَوَّجَهَا وَلَمْ يَفْرِضْ مَهْرًا؛ لَكِنْ عَلَى عَادَةِ النَّاسِ أَنَّهُ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ مَهْرٍ؛ إمَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا مَهْرُ نِسَائِهَا، فَهَذَا النِّكَاحُ حَلَالٌ لَيْسَ فِيهِ شَرْطٌ فَاسِدٌ. فَمِنْ ذَيْنِك الْقِيَاسَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute