للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَرَفَهَا قَبْلَ النِّكَاحِ دَامَ الْوُدُّ. وَأَنَّ النِّكَاحَ يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يَرَهَا فَإِنَّهُ لَمْ يُعَلِّلْ الرُّؤْيَةَ بِأَنَّهُ يَصِحُّ مَعَهُ النِّكَاحُ. فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الرُّؤْيَةَ لَا تَجِبُ وَأَنَّ النِّكَاحَ يَصِحُّ بِدُونِهَا وَلَيْسَ مِنْ عَادَةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا غَيْرِهِمْ أَنْ يَصِفُوا الْمَرْأَةَ الْمَنْكُوحَةَ بِذَلِكَ؛ بِخِلَافِ الْبَيْعِ؛ فَإِنَّهُ إمَّا أَنْ لَا يَصِحَّ وَإِمَّا أَنْ يَمْلِكَ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ. وَإِنْ كَانَ قَدْ ذَكَرَ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد رِوَايَةً ضَعِيفَةً أَنَّهُ يَصِحُّ بِلَا رُؤْيَةٍ وَلَا صِفَةٍ وَلَا يَثْبُتُ خِيَارٌ. وَهَذَا الْفَرْقُ إنَّمَا هُوَ لِلْفَرْقِ بَيْنَ النِّسَاءِ وَالْأَمْوَالِ: أَنَّ النِّسَاءَ يُرْضَى بِهِنَّ فِي الْعَادَةِ عَلَى الصِّفَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ وَالْأَمْوَالَ لَا يُرْضَى بِهَا عَلَى الصِّفَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ؛ إذْ الْمَقْصُودُ بِهَا التَّمَوُّلُ وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الصِّفَاتِ وَالْمَقْصُودُ بِالنِّكَاحِ الْمُصَاهَرَةُ وَالِاسْتِمْتَاعُ وَذَلِكَ يَحْصُلُ مَعَ اخْتِلَافِ الصِّفَاتِ. فَهَذَا فَرْقٌ شَرْعِيٌّ مَعْقُولٌ فِي عُرْفِ النَّاسِ. أَمَّا إذَا عُرِفَ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ لِاشْتِرَاطِهِ صِفَةً فَبَانَتْ بِخِلَافِهَا وَبِالْعَكْسِ فَإِلْزَامُهُ بِمَا لَمْ يَرْضَ بِهِ مُخَالِفٌ لِلْأُصُولِ. وَلَوْ قَالَ: ظَنَنْتهَا أَحْسَنَ مِمَّا هِيَ أَوْ مَا ظَنَنْت فِيهَا هَذَا وَنَحْوَ ذَلِكَ. كَانَ هُوَ الْمُفَرِّطَ حَيْثُ لَمْ يَسْأَلْ عَنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَرَهَا وَلَا أَرْسَلَ مَنْ رَآهَا. وَلَيْسَ مِنْ الشَّرْعِ وَلَا الْعَادَةِ أَنْ تُوصَفَ لَهُ فِي الْعَقْدِ كَمَا تُوصَفَ الْإِمَاءُ فِي السَّلَمِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ صَانَ الْحَرَائِرَ عَنْ ذَلِكَ وَأَحَبَّ سَتْرَهُنَّ؛ وَلِهَذَا نُهِيَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ تَعْقِدَ نِكَاحًا فَإِذَا كُنَّ لَا يُبَاشِرْنَ الْعَقْدَ فَكَيْفَ يُوصَفْنَ؟ وَأَمَّا الرَّجُل فَأَمْرُهُ ظَاهِرٌ