وَإِنَّمَا الْمُشْتَرِي هُوَ الْمُفَرِّطُ بِتَرْكِ الْقَبْضِ فَيَكُونُ الضَّمَانُ عَلَيْهِ؛ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُمَكِّنْهُ مِنْ الْقَبْضِ: بِأَنْ لَا يُوَفِّيَهُ التَّوْفِيَةَ الْمُسْتَحَقَّةَ؛ فَلَا يَكِيلُهُ وَلَا يَزِنُهُ وَلَا يَعُدُّهُ فَإِنَّهُ هُنَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَمْ يُوَفِّهِ إيَّاهُ مِنْ الدَّيْنِ. وَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ الْبَائِعُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ التَّوْفِيَةِ؛ كَانَ هُوَ الْمُفْرِطَ فَكَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِ؛ إذْ التَّفْرِيطُ يُنَاسِبُ الضَّمَانَ. وَأَمَّا حِلُّ التَّصَرُّفِ وَحُرْمَتِهِ فَلَهُ أَسْبَابٌ أُخَرُ: فَقَدْ يَكُونُ السَّبَبُ التَّمَكُّنُ مِنْ التَّسْلِيمِ حَتَّى لَا يُشَابِهَ بَيْعَ الْغَرَرِ. وَإِذَا لَمْ يَنْقُلْهُ مِنْ مَكَانِهِ: فَقَدْ يُنْكِرُ الْبَائِعُ الْبَيْعَ وَيُفْضِي إلَى النِّزَاعِ. وَقَدْ لَا يُمَكِّنُهُ الْبَائِعُ مِنْ التَّسْلِيمِ كَمَا اشْتَرَطَ فِي الرَّهْنِ الْقَبْضَ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ مِنْ الْمَرْهُونِ عِنْدَ تَعَذُّرِ اسْتِيفَاءِ الْحَقِّ مِنْ الرَّاهِنِ. وَهَذَا إنَّمَا يَتِمُّ بِأَنْ يَكُونَ قَابِضًا لِلرَّهْنِ؛ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِيَدِ الرَّاهِنِ فَإِنَّهُ يَحُولُ بَيْنَهُمَا. وَقَدْ يَكُونُ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْعُقُودِ هُوَ التَّقَابُضُ وَبِالْقَبْضِ يَتِمُّ الْعَقْدُ وَيَحْصُلُ مَقْصُودُهُ؛ وَلِهَذَا إذَا أَسْلَمَ الْكُفَّارُ وَتَحَاكَمُوا إلَيْنَا وَقَدْ تَعَاقَدُوا عُقُودًا يُجَوِّزُونَهَا وتقابضوها: لَمْ نَفْسَخْهَا؛ وَإِنْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً فِي دِينِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ التَّقَابُضِ نَقَضْنَاهَا؛ لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى الْإِذْنِ بَعْدَ الِاسْمِ فِي قَبْضٍ مُحَرَّمٍ. فَالْبَيْعُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَمْ يَتِمَّ مِلْكُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute