وَأَمَّا وُجُوبُ التَّصَرُّفِ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَكُونُ الْعَامِلُ: فِي الْمُضَارَبَةِ وَالْمُزَارَعَةِ وَالْمُسَاقَاةِ إذَا تَرَكَ التَّصَرُّفَ الَّذِي اقْتَضَاهُ الْعَقْدُ: مُفَرِّطًا فَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ؛ فَإِنَّ الْعَقْدَ وَإِنْ كَانَ جَائِزًا فَمَا دَامَ مَوْجُودًا فَلَهُ مُوجِبَانِ: الْحِفْظُ بِمَنْزِلَةِ الْوَدِيعَةِ وَالتَّصَرُّفُ الَّذِي اقْتَضَاهُ الْعَقْدُ. وَهَذَا قِيَاسُ مَذْهَبِنَا؛ لِأَنَّا نُوجِبُ عَلَى أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ الْمُعَاوَضَةِ بِالْبَيْعِ وَالْعِمَارَةِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْآخَرُ فِي الْعُرْفِ: مِثْلُ عِمَارَةِ مَا استهدم. هَذَا فِي شَرِكَةِ الْأَمْلَاكِ فَكَذَلِكَ فِي شَرِكَةِ الْعُقُودِ؛ فَإِنَّ مَقْصُودَهَا هُوَ التَّصَرُّفُ. فَتَرْكُ التَّصَرُّفِ فِي الْمُضَارَبَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ قَدْ يَكُونُ أَعْظَمَ ضَرَرًا مِنْ تَرْكِ عِمَارَةِ الْمَكَانِ المستهدم فِي شَرِكَةِ الْأَمْلَاكِ. وَمَنْ تَرَكَ بَيْعَ الْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةِ الْمُشْتَرَكَةِ؛ لِأَنَّهُ هُنَاكَ يُمْكِنُ الشَّرِيكَ أَنْ يَبِيعَ نَصِيبَهُ وَهُنَا غَرَّهُ وَضَيَّعَ عَلَيْهِ مَنْفَعَةَ مَالِهِ فَإِذَا كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا لَمْ يَثْبُتْ جَمِيعُ مُقْتَضَاهُ مِنْ وُجُوبِ التَّقَابُضِ وَالتَّصَرُّفِ وَحِلِّ التَّصَرُّفِ وَالِانْتِفَاعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِذَا اتَّصَلَ بِهِ الْقَبْضُ فَهُوَ قَبْضٌ مَأْذُونٌ فِيهِ بِعَقْدِ فَلَيْسَ مِثْلُ قَبْضِ الْغَاصِبِ الَّذِي هُوَ بِغَيْرِ إذْنٍ؟ وَلِهَذَا قَالَ الْفُقَهَاءُ: مَا ضُمِنَ بِالْقَبْضِ فِي الْعَقْدِ الصَّحِيحِ ضُمِنَ بِالْقَبْضِ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ كَالْمَبِيعِ وَالْمُؤَجَّرِ. وَمَا لَمْ يُضْمَنْ بِالْقَبْضِ فِي الْعَقْدِ الصَّحِيحِ لَا يُضْمَنُ بِالْقَبْضِ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ كَالْأَمَانَاتِ: مِنْ الْمُضَارَبَةِ وَالشَّرِكَةِ وَنَحْوِهَا؛ لِوُجُودِ الْإِذْنِ. وَلِهَذَا تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي حُصُولِ الْمِلْكِ بِالْقَبْضِ فِيهِ وَفِيمَا يَسْتَحِقُّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute