وَالْجُمْهُورُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ وَسَائِرِ الْعُلَمَاءِ أَوْجَبُوا بَدَلَ الْمَهْرِ الْمُسَمَّى مِثْلُهُ أَوْ قِيمَتُهُ؛ لَا بَدَلَ الْبُضْعِ وَهُوَ الصَّوَابُ قَطْعًا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ هُنَا لَمْ يَفْسُدْ فَلَمْ يَجِبْ رَدُّ الْمُسْتَحِقِّ بِهِ وَهُوَ الْبُضْعُ وَإِذَا لَمْ يَجِبْ رَدُّ الْبُضْعِ لَمْ يَجِبْ رَدُّ بَدَلِهِ؛ بَلْ الْوَاجِبُ هُوَ إعْطَاءُ الْمُسَمَّى إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَبَدَلُهُ فَكَانَ بَدَلُ الْمُسَمَّى هُوَ الْوَاجِبُ وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى مَا تَرَاضَوْا بِهِ مِنْ بَدَلِ الْبُضْعِ وَفِي سَائِرِ الْعُقُودِ إذَا فَسَدَتْ تُوجِبُ رَدَّ الْعَيْنِ أَوْ بَدَلَهَا. وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَد أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْمُشَارَكَةِ - مِثْلُ الْمُضَارَبَةِ وَنَحْوِهَا - الْمُسَمَّى أَيْضًا: كَالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. وَهَذَا الْقَوْلُ أَقْوَى. بَلْ الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي الْفَاسِدِ قِيمَةُ الْعَيْنِ أَوْ الْمَنْفَعَةِ مُطْلَقًا وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَيْنَ لَوْ أَمْكَنَ رَدُّهَا أَوْ رَدُّ مِثْلِهَا لَكَانَ ذَلِكَ هُوَ الْوَاجِبُ؛ لَأَنَّ الْعَقْدَ لَمَّا انْتَفَى وَجَبَ إعَادَةُ كُلِّ حَقٍّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ وَالْمِثْلُ يَقُومُ مَقَامَ الْعَيْنِ. أَمَّا إذَا كَانَ الْحَقُّ قَدْ فَاتَ مِثْلُ الْوَطْءِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَالْعَمَلِ فِي الْمُؤَاجَرَاتِ وَالْمُضَارَبَاتِ وَالْغَبْنِ فِي الْمَبِيعِ: فَالْقِيمَةُ لَيْسَتْ مِثْلًا لَهُ. وَإِنَّمَا تَجِبُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ: كَالْمُتْلَفِ وَالْمَغْصُوبِ الَّذِي تَعَذَّرَ مِثْلُهُ؛ لِلضَّرُورَةِ؛ إذْ لَيْسَ هُنَاكَ شَيْءٌ يُوجَدُ أَقْرَبُ إلَى الْحَقِّ مِنْ الْقِيمَةِ فَكَانَ ذَلِكَ هُوَ الْعَدْلُ الْمُمْكِنُ كَمَا قُلْنَا مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْقِصَاصِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute