مَا اشْتَرَيْت أَخْبِرِي زَيْدًا أَنَّهُ قَدْ أَبْطَلَ جِهَادَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا أَنْ يَتُوبَ. وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَنْ بَاعَ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ فَلَهُ أَوْكَسُهُمَا أَوْ الرِّبَا} وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: دَرَاهِمُ بِدَرَاهِمَ دَخَلَتْ بَيْنَهُمَا حَرِيرَةٌ. وَقَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: هَذَا مِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ. وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ يَشْتَرِيَ السِّلْعَةَ سِرًّا ثُمَّ يَبِيعُهَا لِلْمُسْتَدِينِ بَيَانًا فَيَبِيعُهَا أَحَدُهُمَا فَهَذِهِ تُسَمَّى " التَّوَرُّقُ "؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَيْسَ غَرَضُهُ فِي التِّجَارَةِ وَلَا فِي الْبَيْعِ وَلَكِنْ يَحْتَاجُ إلَى دَرَاهِمَ فَيَأْخُذُ مِائَةً وَيَبْقَى عَلَيْهِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ مَثَلًا. فَهَذَا قَدْ تَنَازَعَ فِيهِ السَّلَفُ وَالْعُلَمَاءُ. وَالْأَقْوَى أَيْضًا أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ كَمَا قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَا مَعْنَاهُ: أَنَّ التَّوَرُّقَ أَصْلُ الرِّبَا؛ فَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ أَخْذَ دَرَاهِمَ بِدَرَاهِمَ أَكْثَرَ مِنْهَا إلَى أَجَلٍ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ ضَرَرِ الْمُحْتَاجِ وَأَكْلِ مَالِهِ بِالْبَاطِلِ وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى. وَإِنَّمَا الَّذِي أَبَاحَهُ اللَّهُ الْبَيْعَ وَالتِّجَارَةَ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي غَرَضَهُ أَنْ يَتَّجِرَ فِيهَا. فَأَمَّا إذَا كَانَ قَصْدُهُ مُجَرَّدَ الدَّرَاهِمِ بِدَرَاهِمَ أَكْثَرَ مِنْهَا: فَهَذَا لَا خَيْرَ فِيهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute