فَأَجَابَ: هَذِهِ الْمُقَابَضَةُ تَجُوزُ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ وَالْجَوَازُ فِيهِ لَهُ مَأْخَذَانِ؛ بَلْ ثَلَاثَةٌ: أَحَدُهَا: أَنَّ هَذِهِ الْفِضَّةَ مَعَهَا نُحَاسٌ وَتِلْكَ فِضَّةٌ خَالِصَةٌ وَالْفِضَّةُ الْمَقْرُونَةُ بِالنُّحَاسِ أَقَلُّ. فَإِذَا بِيعَ مِائَةُ دِرْهَمٍ مِنْ هَذِهِ بِسَبْعِينَ مَثَلًا مِنْ الدَّرَاهِمِ الْخَالِصَةِ فَالْفِضَّةُ الَّتِي فِي الْمِائَةِ أَقَلُّ مِنْ سَبْعِينَ. فَإِذَا جَعَلَ زِيَادَةَ الْفِضَّةِ بِإِزَاءِ النُّحَاسِ جَازَ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ يُجَوِّزُونَ مَسْأَلَةَ " مُدِّ عَجْوَةٍ " كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَهُوَ أَيْضًا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَد فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ إذَا كَانَ الرِّبَوِيُّ تَبَعًا لِغَيْرِهِ كَمَا إذَا بَاعَ شَاةً ذَاتَ لَبَنٍ بِلَبَنِ وَدَارًا مُمَوَّهَةً بِالذَّهَبِ بِذَهَبٍ وَالسَّيْفَ الْمُحَلَّى بِفِضَّةٍ بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَاَلَّذِينَ مَنَعُوا مِنْ مَسْأَلَةِ " مُدِّ عَجْوَةٍ " - وَهُوَ بَيْعُ الرِّبَوِيِّ بِجِنْسِهِ إذَا كَانَ مَعَهُمَا أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ - قَدْ عَلَّلَهُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ - مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد - بِأَنَّ الصَّفْقَةَ إذَا اشْتَمَلَتْ عَلَى عِوَضَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ انْقَسَمَ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا بِالْقِيمَةِ وَهَذِهِ عِلَّةٌ ضَعِيفَةٌ؛ فَإِنَّ الِانْقِسَامَ: إذَا بَاعَ شِقْصًا مَشْفُوعًا وَمَا لَيْسَ بِمَشْفُوعِ - كَالْعَبْدِ وَالسَّيْفِ وَالثَّوْبِ - إذَا كَانَ لَا يَحِلُّ: عَادَ الشَّرِيكُ إلَى الْآخِذِ بِالشُّفْعَةِ. فَأَمَّا انْقِسَامُ الثَّمَنِ بِالْقِيمَةِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ فَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute