بِهِ يُقَدَّرُ وَيُعْلَمُ قَدْرُهُ. وَلِأَنَّ فِي ذَلِكَ مَعْنًى يُنَاسِبُ تَحْرِيمَ التَّفَاضُلِ فِيهِ. فَإِذَا قِيلَ: الْمَكِيلَاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ مُتَمَاثِلَةٌ وَعِلَّةُ التَّحْرِيمِ نَفْيُ التَّمَاثُلِ. قِيلَ: الْعَاقِلُ لَا يَبِيعُ شَيْئًا بِمِثْلِهِ إلَى أَجَلٍ وَلَكِنْ قَدْ يَقْرِضُ الشَّيْءَ. لِيَأْخُذَ مِثْلَهُ بَعْدَ حِينٍ. وَالْقَرْضُ هُوَ تَبَرُّعٌ مِنْ جِنْسِ الْعَارِيَةِ كَمَا سَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَنِيحَةُ وَرِقٍ أَوْ مَنِيحَةُ ذَهَبٍ} . فَالْمَالُ إذَا دُفِعَ إلَى مَنْ يَسْتَوْفِي مَنْفَعَتَهُ مُدَّةً ثُمَّ يُعِيدُهُ إلَى صَاحِبِهِ كَانَ هَذَا تَبَرُّعًا مِنْ صَاحِبِهِ بِنَفْعِهِ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ نَوْعٍ اسْمٌ خَاصٌّ. فَيُقَالُ فِي النَّخْلَةِ: عَارِيَةٌ وَيُقَالُ فِيمَا يُشْرَبُ لَبَنُهُ مَنِيحَةً. ثُمَّ قَدْ يُعِيدُ إلَيْهِ عَيْنَ الْمَالِ إنْ كَانَ مَقْصُودًا وَإِلَّا أَعَادَ مِثْلَهُ. وَالدَّرَاهِمُ لَا تُقْصَدُ عَيْنُهَا فَإِعَادَةُ الْمُقْتَرِضِ نَظِيرَهَا كَمَا يُعِيدُ الْمُضَارِبُ نَظِيرَهَا. وَهُوَ رَأْسُ الْمَالِ. وَلِهَذَا سُمِّيَ قَرْضًا وَلِهَذَا لَمْ يَسْتَحِقَّ الْمُقْرِضُ إلَّا نَظِيرَ مَالِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِطَ الزِّيَادَةَ عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ الْأَمْوَالِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ. وَالْمُقْرِضُ يَسْتَحِقُّ مِثْلَ قَرْضِهِ فِي صِفَتِهِ كَمَا يَسْتَحِقُّ مِثْلَهُ فِي الْغَصْبِ وَالْإِتْلَافِ وَمِثْلُ هَذَا لَا يَبِيعُهُ عَاقِلٌ وَإِنَّمَا يُبَاعُ الشَّيْءُ بِمِثْلِهِ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَتْ الصِّفَةُ. وَالشَّارِعُ طَلَبَ إلْغَاءَ الصِّفَةِ فِي الْأَثْمَانِ فَأَرَادَ أَنْ تُبَاعَ الدَّرَاهِمُ بِمِثْلِ وَزْنِهَا وَلَا يُنْظَرُ إلَى اخْتِلَافِ الصِّفَاتِ مَعَ خِفَّةِ وَزْنِ كُلِّ دِرْهَمٍ. كَمَا يَفْعَلُهُ مَنْ يَطْلُبُ دَرَاهِمَ خِفَافًا إمَّا لِيُعْطِيَهَا لِلظُّلْمَةِ وَإِمَّا لِيَقْضِيَ بِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute