هُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ. وَمَنْ جَعَلَ ذَلِكَ مُشَارَكَةً وَجَعَلَهَا أَصْلًا آخَرَ يَجُوزُ ذَلِكَ نَصًّا؛ لَا قِيَاسًا وَلَيْسَ هُوَ مُخَالِفًا لِلْقِيَاسِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ جُمْهُورِ السَّلَفِ وَطَوَائِفَ مِنْ الْخَلَفِ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ كَصَاحِبَيْهِ وَمِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ كالخطابي وَغَيْرِهِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَد وَغَيْرِهِ فَهُنَا أَتَمُّ نَظَرًا. وَالْمَأْخَذُ الثَّانِي: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا كَمَا نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَبِّ قَبْلَ اشْتِدَادِهِ وَعَنْ بَيْعِ الْعِنَبِ حَتَّى يَسْوَدَّ ثُمَّ إنَّهُ يَجُوزُ مَعَ ذَلِكَ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ إجَارَةُ الْأَرْضِ لِمَنْ يَعْمَلُ عَلَيْهَا حَتَّى يَنْبُتَ الزَّرْعُ وَلَيْسَ ذَلِكَ تَبَعًا لِلْحَبِّ وَكَذَلِكَ تَقْبِيلُ الشَّجَرِ لِمَنْ يَعْمَلُ عَلَيْهَا حَتَّى تُثْمِرَ لَيْسَ هُوَ تَبَعًا لِلثَّمَرَةِ. أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُزَارَعَةَ عَلَى الْأَرْضِ بِجُزْءٍ مِنْ الْأَرْضِ كَالْمُسَاقَاةِ عَلَى الشَّجَرِ بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَرِ وَأَنَّ إعَارَةَ الْأَرْضِ كَإِعَارَةِ الشَّجَرِ وَأَنَّ انْتِفَاعَ أَهْلِ الْوَقْفِ بِزَرْعِ الْأَرْضِ كَانْتِفَاعِهِمْ بِثَمَرِ الشَّجَرِ، فَالثَّمَرَةُ - وَإِنْ كَانَتْ أَعْيَانًا - فَإِنَّهَا تَجْرِي مَجْرَى الْفَوَائِدِ وَالنَّفْعِ فِي الْوَقْفِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالْمُسَاقَاةِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَخْلِفُ بَدَلَهَا كَمَا أَنَّ اسْتِرْضَاعَ الظِّئْرِ لَمَّا كَانَ مُسْتَخْلَفًا بَدَلُهُ جَرَى مَجْرَى النَّفْعِ؛ وَلِهَذَا فِي بَابِ بَيْعِ الثَّمَرِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ إنَّمَا تَكُونُ مُؤْنَةُ كَمَالِ الصَّلَاحِ عَلَى الْبَائِعِ. وَأَمَّا الْقُبَالَةُ الَّتِي فَعَلَهَا عُمَرُ: فَإِنَّمَا يَقُومُ فِيهَا بِسَقْيِ الشَّجَرِ وَمُؤْنَةِ حُصُولِ الثَّمَرِ الْمُتَقَبَّلِ فَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute