للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهُوَ مِنْ صُوَرِ النِّزَاعِ كالباقلا فِي قشريه. وَاَلَّذِي كَرِهَ بَيْعَ ذَلِكَ يَظُنُّهُ مِنْ الْغَرَرِ الَّذِي نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ؛ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمُشْتَرِينَ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ كَمَا يَعْلَمُونَ كَثِيرًا مِنْ الْمَبِيعَاتِ الْمُتَّفَقِ عَلَى جَوَازِ بَيْعِهَا؛ بَلْ عِلْمُهُمْ بِذَلِكَ أَقْوَى مِنْ عِلْمِهِمْ بِكَثِيرٍ مِنْهَا. وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ فُرِضَ أَنَّ فِي ذَلِكَ جَهْلًا فَالشَّرِيعَةُ اسْتَقَرَّتْ عَلَى مَا يَحْتَاجُ إلَى بَيْعِهِ مَعَ الْغَرَرِ؛ وَلِهَذَا أَذِنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْعِ الثِّمَارِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا مُبْقَاةً إلَى كَمَالِ الصَّلَاحِ. ثُمَّ إنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمَرَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ إذَا أَصَابَتْهَا. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ أَذِنَ فِي بَيْعِ الْعَقَارِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَنْ كَانَ لَهُ شِرْكٌ فِي أَرْضٍ أَوْ رِبْعَةٍ أَوْ حَائِطٍ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يُؤْذِنَ شَرِيكَهُ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ} . وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْعَقَارِ مَعَ أَنَّ أَسَاسَ الْحِيطَانِ وَدَاخِلَهَا مُغَيَّبٌ. وَكَذَلِكَ أَذِنَ فِي بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا تَبَعًا لِلْأَصْلِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ: {مَنْ بَاعَ نَخْلًا مُؤَبَّرًا فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ} وَذَلِكَ أَنَّ بَيْعَ الْغَرَرِ نَهَى عَنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَيْسِرِ وَالْقِمَارِ الْمُتَضَمِّنِ لِأَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ. فَإِذَا