للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمَبِيعُ الْمُنْفَصِلُ عَنْ الْأَرْضِ بِرُؤْيَةِ بَعْضِهِ إذَا كَانَ مُتَشَابِهَ الْأَجْزَاءِ. ثُمَّ إنْ ظَهَرَ الْخَفِيُّ دُونَ الظَّاهِرِ بِمَا لَمْ تُجَرِّبْهُ الْعَادَةُ: كَانَ ذَلِكَ إمَّا غَبْنًا وَإِمَّا تَدْلِيسًا. بَلْ أَهْلُ الْخِبْرَةِ يَقُولُونَ: إنَّهُمْ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ أَكْثَرَ مِمَّا يَعْلَمُونَ كَثِيرًا مِنْ الْمُنْفَصِلِ. وَكَوْنُ الْمَبِيعِ مَعْلُومًا أَوْ غَيْرَ مَعْلُومٍ لَا يُؤْخَذُ عَنْ الْفُقَهَاءِ بِخُصُوصِهِمْ؛ بَلْ يُؤْخَذُ عَنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِذَلِكَ الشَّيْءِ؛ وَإِنَّمَا الْمَأْخُوذُ عَنْهُمْ مَا انْفَرَدُوا بِهِ مِنْ مَعْرِفَةِ الْأَحْكَامِ بِأَدِلَّتِهَا. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} وَالْإِيمَانُ بِالشَّيْءِ مَشْرُوطٌ بِقِيَامِ دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ، فَعُلِمَ أَنَّ الْأُمُورَ الْغَائِبَةَ عَنْ الْمُشَاهَدَةِ قَدْ تُعْلَمُ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهَا فَإِذَا قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَة: إنَّهُمْ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ كَانَ الْمَرْجِعُ إلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ دُونَ مَنْ لَمْ يُشَارِكْهُمْ فِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ أَعْلَمَ بِالدِّينِ مِنْهُمْ. كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ فِي تَأْبِيرِ النَّخْلِ: {أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِدُنْيَاكُمْ. فَمَا كَانَ مِنْ أَمْرِ دِينِكُمْ فَإِلَيَّ} . ثُمَّ يَتَرَتَّبُ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ عَلَى مَا تَعْلَمُهُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ كَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى التَّقْوِيمِ وَالْقِيَامَةِ وَالْخَرْصِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.